أحمد رمزي يتذكر: “قلم باركر جعلني نجم المدرسة ثلاث سنوات!”

إعداد وتحرير: المحرر
في أرشيف الصحافة المصرية، دومًا ما نجد حكايات بسيطة في ظاهرها، لكنها تحمل في أعماقها لمحات إنسانية ثرية عن نجومنا الكبار. ومن بين هذه الحكايات، نعيد اليوم نشر واحدة من النوادر الطفولية للفنان الراحل أحمد رمزي، نجم السينما المصرية، في حديث نادر يعود بنا إلى مقاعد الدراسة ومشاعر البراءة الأولى.
إنها قصة قلم باركر، لكن ليست مجرد حكاية عن قلم فاخر، بل قصة عن طموح طفل، ودهاء أم، وخيال واسع عاش معه رمزي ثلاث سنوات كاملة وهو يصدق أن وزيرًا تحرك من أجل قلمه!
في هذا الحوار الذي ننشره لأول مرة بصيغته الكاملة، يحكي رمزي تفاصيل تلك الواقعة التي مزجت الطفولة بالأسطورة، والخيبة بالظرف، والحب بالكذبة البيضاء.
⸻
الحوار الكامل
■ المحرر: أستاذ رمزي، دعنا نبدأ من “فيكتوريا كوليدج” في الإسكندرية. كيف كانت أيام الدراسة؟
أحمد رمزي: كنت مجتهد جدًا، مش عشان أحب المذاكرة نفسها، لكن علشان أمي كانت دايمًا توعدني بهدية كبيرة لو طلعت من الأوائل. وفعلاً، كنت بسهر وأذاكر علشان الهدية مش علشان المجد أو الترتيب.
■ المحرر: وهل تتذكر أول مرة حصلت فيها على هذه الهدية؟
أحمد رمزي: أكيد. بعد ما نجحت بتفوق، أمي بعتت لي جواب وقالت فيه إنها محضّرة مفاجأة مش على البال. كنت مش مصدق نفسي، وبستنى يوم السفر للقاهرة كأني رايح آخد جائزة نوبل!
■ المحرر: وما كانت المفاجأة؟
أحمد رمزي (ضاحكًا): قلم باركر! ووقتها القلم ده كان مخصص لأولاد الوزراء والأمراء اللي معايا في المدرسة. لما شوفته حسيت إني بقيت زيهم، بل أحسن منهم كمان.
■ المحرر: واضح أن القلم كان ليه قيمة نفسية ومعنوية كبيرة؟
أحمد رمزي: جدًّا. وأنا راجع القطر للإسكندرية، كنت في عربية المدرسة، طلعت القلم وبدأت أكتب في كراسة، مش مهم أكتب إيه، المهم زمايلي يشوفوه. حسيت إني نجم.
■ المحرر: لكن حصلت مفاجأة؟
أحمد رمزي: قبل ما نوصل طنطا، شفت مشهد ناس راكبين حمير وماشيين بالبقر، منظر ماكنتش شوفته قبل كده. طلعت بنص جسمي من الشباك، ووقتها القلم وقع من جيب القميص. صرخت، وجريت على الكمسري، طلبت منه يوقف القطر، رفض طبعًا. رحت للمشرف، قلت له نزلني المحطة الجاية، قال لي: “أنت عهدة، ولازم أوصلك الإسكندرية”.
■ المحرر: هل استسلمت؟
أحمد رمزي: أبدًا! أول ما وصلت إسكندرية، بعت برقية لأمي، قلت لها القلم وقع، وعارف مكانه، ولازم وزير المواصلات — وكان قريبنا — يوقف القطر اللي بعده ويدور عليه. كنت واثق إن ده ممكن يحصل.
■ المحرر: أكيد حصلت ضجة في المدرسة؟
أحمد رمزي: طبعًا. زمايلي كانوا بيضحكوا ويقولوا: “الوزير هينزل يدور على القلم!” وأنا بكل ثقة قلت لهم: “هيبعت حد يجيبه”. وفعلاً، بعد أيام، وصلني طرد فيه قلم باركر ورسالة من أمي بتقول: “الوزير اتوفق في البحث عن القلم”.
■ المحرر: هل صدقت الكلام ده؟
أحمد رمزي: صدقته تمامًا! وفضلت أتباهى بالقلم الجديد وأقول: “الوزير رجّع لي القلم!” عشت الوهم ده تلات سنين.
■ المحرر: وإمتى اكتشفت الحقيقة؟
أحمد رمزي: بعد 3 سنين، أمي قالت لي الحقيقة ببساطة: “أنا اللي اشتريت القلم، مستحيل أخلي وزير يدور على قلم، حتى لو كان قريبنا!”، ضحكت من قلبي، بس عمري ما نسيت اللحظة دي.
■ المحرر: هل القصة دي أثرت عليك بعد كده؟
أحمد رمزي: جدًا. علمتني إن الحب ممكن يصنع أوهام جميلة، وإن الأم تقدر تخلق لطفلها عالم كامل من الخيال والثقة. القلم ده مش مجرد حبر وذهب، القلم ده كان رمز لحب كبير.
⸻
■ المحرر: شكرًا أستاذ رمزي على هذه الذكريات الجميلة.
أحمد رمزي: وأنا اللي بشكركم. القلم ضاع، لكن الذكرى فضلت معايا العمر كله..