الدراما اللبنانية في مرآة الواقع.. بين التراجع والطموح
بديع أبو شقرا: نحن في مؤامرة.. والفنان اللبناني مهمش!

حسن شرف الدين
عن مشاكل الدراما التي تعاني منذ عقود، وتشعر بالتعب ولم يتطوع أحد لمعالجتها والكشف عنها، وبعد وإظهار تحسن بسيط، كان لا بد من مناقشة وضعها، والإشارة إلى المسؤول عن هذا التراجع بأصبعنا.
ففي ندوة فنية تحليلية، ومن داخل “المجلس الثقافي للبنان الجنوبي”، شارك الممثل اللبناني بديع أبو شقرا، والمخرجة لينا خوري، والإعلامي والناقد الفني د. جمال فياض، تحت عنوان “تراجع الدراما اللبنانية بنيوي أم ظرفي” التي أقيمت يوم الأربعاء، بتقديم المحامي مجيد إبراهيم.
وفي كلمة له، وأشار بديع إلى أن “المشكلة في لبنان أننا نمتلك حيوية كبيرة جداً في الدراما التليفزيونية ولدينا نكهة مختلفة عن الدول المحيطة، كما أننا نمتلك حيزاً كبيراً من الحرية، وهنا يظهر أن مشكلتنا ليست بنيوية وإنما ظرفية بحتة، ومشكلة تقاعس من الجهات المختصة عن دعم هذا المنتج القومي”.
وقال: “العمل الفني حتى لو كان يسيء للوطن، فهو إعلان للبلد، إعلان لشوارعه وثقافاته، ونحن في لبنان لا نمتلك منتجاً ممولاً، يعني أن المنتج إن لم يكن لديه اتفاق مع شركات مثل (MBC) وشاهد وغيرهم لن يخاطر بإنتاج العمل، وهؤلاء المنتجين الكبار، ولليوم لا يوجد منتج لبناني يسوق لبنانياً ويسوق عالمياً وعربياً لبيعه، إذ يجب أن يتم بيعه مسبقاً، وهي أزمة أساسية لأنها تجعلنا ننتج ما تطلبه المنصة، فلن يعد لدينا تنوع، ومثلاً ابنتي تقول لي لا أحب متابعة أعمالكم بسبب عدم التنوع والاستسهال”.
وأضاف: “نحن مجرد جمعية، ومهمشون إلى أقصى درجة، الفن الذي وصل إلى العالمية لا يمتلك نقابة، وهي مؤامرة يتحمل مسؤوليتها الدولة وارتباطها بالجهات الدينية والسياسية، ويوجد مؤامرة لتحجيم أي إنسان يريد أن يقول الحقيقة”.
بدورها، شددت المخرجة لينا خوري على أن “الفن انعكاس للمجتمع، ولكن الاستقبال الجاري اليوم أوصلنا إلى عدم تصديق المنتج الذي نشاهده، وهذا جعل النصوص متشابهة بطريقة مبتذلة، وأصبح الممثل يقدم نفس الشخصية في كل أعماله، دون أن يشعر، مثلاً لدي صديق وهو نجم لبناني كبير، قال لي إنه لا يقرأ النص”.
وقالت: “الاستسهال في الأعمال الفنية أوصلنا إلى أدنى المستويات ويتحمل مسؤولية هذا الانحدار كل الأطراف، وهذا يظهر أن إنتاجاتنا ليست على قدر المستوى”.
بينما قال الناقد الفني د. جمال فياض: “كان هناك حي يعيش فيه سكان بسطاء ويعيش فيه كل الطبقات، وداخل هذا الحي شخص بيته ولبسه وسيارته مميزة عن الجميع، وكل سكان الحي يميزونه عن غيره، ومع الوقت، أولاد الحي كبروا ودخلوا جامعات، والسكان تثقفوا، وهو ما زال في مكانه، يعتقد أنه الأفضل، في الوقت الذي تجاوزها الجميع، هذا هو لبنان بحذافيره”.
وأضاف: “الدراما عبارة عن سلعة، وعندما بدأ تلفزيون لبنان بتقديم الدراما كأول تلفزيون، كان يقدمها بعرض مباشر، يعني إن أخطأ الممثل سيظهر عند كل المشاهدين، حتى تطورنا أكثر وتحول تقديم العمل الفني إلى الفصحى نظراً لعدم فهم اللغة”.
وتابع: “كنا متفوقين، وكان السوري يأتي إلى لبنان ليصور أعمال مثل (مقالب غوار)، حتى جاء وقت الحرب وأصبحت الدراما أمام عقبات، واضطر اللبنانيون إلى الإنتاج في اليونان والتصوير في الإمارات، وليبيا في ذلك الوقت دخلت على الخط وأصبحت تنتج أعمالاً لصالح التلفزيون الليبي، حتى جاء زمن الفضاء (MBC) وغيره، وبالمختصر، وضع الخليجي شروطه على الدراما اللبنانية والمصرية، إذ منع التدخين، ومنع وجود رجل وامرأة في غرفة واحدة بابها مغلق، لكن السوري خرج منها بذكاء، وتحديداً النظام السوري تعامل معه باحتراف، إذ دعم الإنتاج المحلي وأصبح هو من يشتريه، من دون شرط وبسخاء مما جعل أعمال سوريا الدرامية متمكنة وقوية”.
وأردف: “التلفزيونات هي التي تتحكم بالعمل، وهي التي تختار القصة والأبطال، حتى أنها تختار كم ستدفع عليه، وليس المنتج كما يعتقد الكثير، ولدى التلفزيونات شرط مهم جداً، وهي أنها تأمر بوضع مندوبين اثنين لمراقبة تصوير الأعمال والإشراف عليه”.