الدراما مجهولة النسب و”بالدم” الأفضل.. ومي عمر فاشلة!

حسن شرف الدين
في حلقة نقدية قاسية من برنامج “المشهد تاغ”، وبأخر أيام المنافسة الدرامية الرمضانية الشرسة، دارت بين الناقدين د. جمال فياض و عبد الكريم واكريم، مبارزة نقدية فنية، حول ما يقدم من أعمال هذا العام.
وقال فياض: “النصف الأول كان ممتازًا جدًا، بينما الثاني أطاح به. وبعد الخلاصة، نستنتج أن الدراما مجهولة النسب، فمثلًا، مسلسلات “إش إش”، “فهد البطل”، “بالدم”، و”سيد الناس”، كلها تتمحور حول البحث عن الأولاد أو الأهل، وتتراكم فيها المآسي. وعادةً، تفرح النهايات السعيدة النصوص، خاصة في هذا الشهر، إلا أن هذا العام جاءت كل النهايات تعيسة. ويرجع السبب إلى التأخر في الكتابة، حيث يؤدي العمل المتسرع إلى الندم لاحقًا”.
وشدد على أن “الدراما بدأت ممتازة، لكنها سرعان ما سيطر عليها التخبط غير المنطقي في المواضيع، وكأننا نقترب من السينما الهندية في المواقف غير الواقعية. على الكاتب إنهاء العمل مبكرًا والبدء في التنفيذ فورًا”.
وأضاف: “التمثيل كان جيدًا جدًا، رغم بعض المبالغات. وبالتأكيد، هناك نقاط ضعف، لكننا نمتلك مستوى تمثيليًا جيدًا وإخراجًا جميلًا. تبقى النصوص العائق الأكبر، حيث تتسبب في فشل الأعمال. نحن بحاجة إلى جيل جديد من الكُتاب”.
من جانبه، اتفق الناقد الفني عبد الكريم واكريم مع كلام فياض، وقال: “المشكلة تكمن في الكتابة، خصوصًا في مسلسلات الـ 30 حلقة. الدراما المصرية وجدت حلًا لمشكلة التطويل من خلال مسلسلات الـ 15 حلقة، والتي كانت الأفضل هذا العام. وبالنسبة للدراما المغربية، فإن الحل هو تقليص عدد الحلقات، إذ إن التطويل يسيطر عليها، كما أن العشوائية الناتجة عن تأخير الكتابة والتصوير تؤثر على جودتها. وإذا أردت الحكم، يمكنني القول إن مسلسل ‘رحمة’ هو الأسوأ في الدراما المغربية”.
أما عن مسلسل “بالدم”، وبالتحديد شخصية “عدلا” التي قدمتها سينتيا كرم، قال فياض: “تحوّل المسلسل في الحلقات الأخيرة إلى كم هائل من المآسي، لكن نكتة ورقة النعي لعدلا كانت دليلًا على الروح المرحة لدى اللبنانيين، حيث أصبح المشاهد يتفاعل مع العمل وكأنه جزء منه”.
واعتبر أن “سينتيا كانت ذكية جدًا في تقديم الشخصية من حيث التمثيل والشكل. أتذكر أنه في بلدتي النبطية، كانت هناك امرأة تُدعى هاندوما تشبه شخصية عدلا، وكانت محبوبة من الجميع. سينتيا تفوقت على نفسها، وقدّمت شخصية نافرة إيجابيًا، وظهرت كأنها واحة البراءة وسط كمّ من الشر في القصة”.
وقال: “جريمة الشرف لم تعد منتشرة بكثرة في المجتمعات العربية، خاصة في لبنان، لكنها تبقى عنصرًا دراميًا للتنويع. ويبدو أن الكاتبة أرادت التركيز على قضايا المرأة، وهو نوع من الترويج الاجتماعي المقبول”.
وأشار عبد الكريم واكريم إلى أن “الدراما المغربية تفتقر إلى التنوع في المواضيع، بعكس الدراما المصرية”.
وأضاف: “يجب التأكيد على أن الدراما التلفزيونية تختلف عن السينما، فهي تدخل إلى كل بيت وعليها احترام الأسر العائلية وطقوسها. مسلسل ‘رحمة’ حظي في الحلقات الأولى بمشاهدات عالية، لكنها تراجعت مع مرور الحلقات بسبب بعض المشاهد التي اعتبرها البعض جريئة. بالنسبة لي، هناك بعض المبالغة، فالمشاهد ليست جنسية، بل جريئة، ولا تستدعي هذه الضجة التي ربما يسعى صُنّاع العمل إلى افتعالها”.
وتابع: “في الحلقات الأولى، كان المسلسل يعالج قضية العنف بشكل مباشر، لكنه لاحقًا انحرف إلى مسار آخر، مما أفقده جزءًا من قيمته. بدا وكأنه يحاول فقط الوصول إلى 30 حلقة دون مبرر درامي واضح”.
بدوره، لفت فياض إلى أن “أغلب الأعمال تُنجز كمسلسلات درامية عامة، وليس بالضرورة مخصصة لرمضان، لأنها تُعرض مرارًا على المحطات والمنصات. في الماضي، كانت القنوات الخليجية صاحبة الرقابة الأولى والأخيرة، لكن اليوم، بعد رفع القيود، أصبح لدى المخرجين حرية أكبر”.
وقال: “لم يعد بإمكاننا القول إن هذا العمل مخصص للسينما أو ذاك للدراما، لأن السينما أصبحت تبحث عن المشاهد، وليس العكس. المشاهد لم يعد يذهب إلى دور العرض لمشاهدة الأفلام، بل أصبحت تُعرض على المنصات الرقمية”.
أما عن المسلسلات التي نجحت والتي فشلت، قال فياض: “أولًا، أود أن أحيي تيم حسن على الدور الذي يقدمه. الدراما كانت ممتازة، لكنها اتجهت نحو النمط الهندي نوعًا ما. ومع ذلك، هناك العديد من الأعمال المميزة، مثل ‘منتهي الصلاحية’، وهو عمل جيد يعالج قضية رجل ناجح تغيّرت حياته بسبب الظروف. كذلك، مسلسل ‘لام شمسية’، رغم أنه ليس بالضرورة عملًا رمضانيًا، لكنه جميل جدًا ويعالج قضية جادة. قضايا مثل التحرش يجب أن تُناقش في الدراما وفي المجتمع. أما الأعمال الكوميدية، رغم قلتها، فقد قدّمت نوعًا من الترفيه خلال هذا الشهر، مع غياب أي عمل مخصص للأطفال لتوعيتهم”.
واعتبر أن “إش إش”، “تحت سابع أرض”، و”بالدم” هي الأفضل خلال هذا الشهر.
بينما قال عبد الكريم واكريم: “رغم الانتقادات، فإن مسلسل ‘رحمة’ هو الأفضل لهذا الموسم في الدراما المغربية، لأنه تفوّق في عدة عناصر”، معتبرًا أن “قلبي ومفتاحه” و”ظلم المصطبة” هما من بين الأفضل، بينما لم تحقق مي عمر النجاح المنتظر هذا الموسم”.
لمتابعة الحلقة كاملة: