الكتابة بالأرابيزي …
بقلم: محمد قاسم الساس
العربيزي، أو الفرانكو أو العربتيني، أو الإنجليزي المُعرب، هي أبجدية غير محددة القواعد مستحدثة غير رسمية ظهرت منذ بضعة سنوات، يستخدم البعض هذه الأبجدية للتواصل عبر الدردشة على شبكة الإنترنت باللغة العربية أو بلهجاتها المحلية، وتٌنطق هذه اللغة مثل العربية، إلا أن الحروف المستخدمة في الكتابة هي الحروف اللاتينية والأرقام بطريقة تشبة الشيفرة، ويستخدمها البعض في الكتابة عبر مواقع التواصل الإجتماعي أو رسائل الهاتف المتحرك (الموبايل). وهذه الظاهرة باتت منتشرة بكثرة بين الشباب العرب فهل بدأنا تتخلى عن لغتنا العربية، وصرنا نتحول إلى تلك اللغة؟ وماهي الفائدة من ذلك الامر؟ وماهي الغاية اننا نحول اللغة العربية الى لغة لاتينية الكتابة عربية اللفظ؟
ترجع نشأة هذه اللغة المستحدثة إلى أوائل الآلفية الجديدة، حيث تم استخدامها لدى العرب المقيمين في الخارج، كونه لم يكن لديهم لوحة مفاتيح عربية، فاضطروا للكتابه باللاتيني، ووجدوا انفسهم أنهم بحاجة لاحرف، وهي غير موجوده في لوحة المفاتيح اللاتينية، فأنشأوا بديلا لهذه الاحرف أرقاما، وهي بديله للـ ع وص والهمزه وغيرها.
وقد ظهرت شبكات الدردشة قبل ظهور الهاتف المتحرك والرسائل القصيرة في الوطن العربي، حيث لم تكن الحروف العربية متاحة في الأجهزة الموصولة على شبكة الإنترنت، وقد انتشر استخدام شبكات الدردشة لدى الطلبة العرب المبتعثين كطريقة تواصل أوفر مادياً من المكالمات الهاتفية، غير أن السبب الرئيسي لإنتشار هذا النوع من الأبجدية أقترن مع ظهور خدمة الهاتف المحمول في الوطن العربي، وذلك لأن خدمة الرسائل القصيرة (sms) تتيح للأبجدية اللاتينية حروف أكثر في الرسالة الواحدة عنها في نظيرتها العربية، مما دفع بعض الذين لا يتقنون الإنجليزية إلي الكتابة بالحروف اللاتينية ولكن بصيغة عربية، كما فضلها المستخدمون الذين اعتادوا على استخدام الأبجدية اللاتينية، لتنتقل بشكل أوسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
موقع اضواء المدينة، التقى بالكاتبة السورية “نور شيشكلي”، والتي اوضحت: “لم استخدم لغة الشات يوماً.. أجبرت على تعلم طريقة قراءتها تبعاً لكثرة مستخدميها.. تصور لغة الضاد الاصيلة تلك، نتخلى عن حروفها ونستبدلها بأرقام؟!!! ربما القادم سيكون كارثي أكثر، ربما لن يتاح لطفل من أطفالنا قراءة تاريخنا في المستقبل، ربما سنصل الى مرحلة ينظر فيها الطفل العربي الى أي كتاب من كتبنا على انه كتاب غير مفهوم، ربما ان استمرت تلك الظاهرة سنضطر اسفين الى ترجمة كتبنا الى تلك اللغة، ونستبدل أشعارنا بأرقام بدلاً عن الحروف”.
وأضافت: “أذكر جيداً كيف كنا نتعلم الشعر لأجل الحصول على لغة عربية سليمة، ففي الشعر قواعد اللغة سليمة وواضحة، كان أول ما يعلموه لنا في المدارس تلك القصائد، لمدنا بقواعد اللغة بشكل سليم وصحيح، اليوم الطفل يستبدل حرف ال ع برقم 9، وحرف ال ح يستبدل برقم 7، تلك ظاهرة مخيفة حقيقةً”.
وأعربت “شيشكلي” عن استيعابها لهذا الحالة بالقول: “اتفهم أمر العرب المقيمين خارجاً، الذين وجدوا حلاً بديلاً لإيجاد لغة حوار فيما بينهم دون نسيان عربيتهم، خاصة أن أجهزتهم الخليوية لا تتوفر فيها اللغة العربية… أنا اتفهم هذا الامر جيداً، بالعكس هم لم يلغوا اللغة العربية فيما بينهم، لكن ما لا يقبل هو تحول تلك الطريقة التي أوجدوها كحل بديل الى ظاهرة منتشرة في الوطن العربي، الذي كل اجهزته الخليوية توجد بها اللغة العربية، ضمن تطبيقات اللغة!”.
وتسألت الكاتبة ما الذي يعنيه الاستغناء عن حرف من حروف اللغة العربية برقم؟ ماذا يعني ان ألفظ العربية بحروف لاتينية؟ هل يا ترى ان قرأ الغرب تلك المحادثات، فهل سيفهمون ما نكتب او ما نقول؟ هل يعتقد البعض اننا ننشر لغتنا العربية بتلك الطريقة؟ ما نكتبه بالنسبة لهم مجرد طلاسم غريبة القراءة والفهم!
ورأت “شيشكلي”، أن الحل الانسب لتوخي كل ما بتنا نحصده جراء تلك اللغة الحديثة، هو أن نتحرك سريعاً لوقف انتشار تلك الظاهرة خاصة بين أطفالنا وشبابنا، وربما قد نضطر الى ان نقف وقفة واحدة وثابتة امام تفشي تلك الظاهرة، كأن لاترد على أي رسالة تصلك بلغة “الفرانكو عرب” سوى بجملة واحدة: (اكتب لي باللغة العربية.. لا أجيب على ما ترسله لي)”.