“المسيح وُلد”: رحلة موسيقية طربية تعيد أصالة المقامات العربية
قدّم الموسيقار اللبناني، هياف ياسين توشيحًا ميلاديًا غنائيًا جديدًا بعنوان “المسيح وُلد”، من ألحانه، بأسلوب يعيد إحياء روح عصر النهضة الموسيقية العربية، حيث بُني التوشيح على مقام البيّاتي في حلّة “البيّاتي الشوريّ” أو “القارجغار” على درجة اليكاه في القرار.
أضفى ياسين بُعدًا إيقاعيًا أصيلًا للتوشيح من خلال ضرب الوحدة السائرة الثنائية، الذي أضفى وقارًا ورصانةً على العمل.
استُهلّ التوشيح بمقدمة عزفية “دولاب” من مقام البيّاتي الشوري، تنتقل بسلاسة من الجواب إلى القرار، لتمهّد لانطلاقة الغناء بصوت المطربة رفقا رزق، التي قدّمت أداءً مليئًا بالشجن والحنان والقوة، وانقسم الغناء إلى مراحل متنوعة تميّزت بتجاوب لحنية بأسلوب “السؤال والجواب”، المعروف بـ”الهَنْگ”، بين رفقا والبطانة. هذا التفاعل التناغمي شمل مراحل مقامية متدرجة من البيّاتي الشوريّ، إلى الراست، فالسيكاه، فالجهاركاه والصبا، ليختتم بالعودة إلى البيّاتي النوى.
في منتصف الأداء، أبدع ياسين بفتح مساحة طربية أصيلة، مستلهمًا أسلوب أداء “الغصن” كما كان يُقدّم في أدوار عصر النهضة الموسيقية. برزت هذه المرحلة بتمركز اللحن في مقام الراست على درجة الجهاركاه، مع جمل لحنيّة مرتجلة أدتها رفقا برفقة التخت الموسيقيّ، الذي تفاعل بإبداع مع صوتها القوي والمليء بالعاطفة. تميّزت هذه المرحلة باستدعاء “الآهات” الطربية التي أضفت بُعدًا ساحرًا على الأداء، وتُوّجت بجملة لحنيّة ختامية تدرّجت من أقصى الجواب إلى أقصى القرار.
اختُتم التوشيح بانتقال ساحر إلى مقام العشّاق (النهوند) على درجة الجهاركاه، ليعود بانسيابية إلى مقام البيّاتي الشوريّ ومقام البيّاتان (العشيران)، مع عبارة ختامية “هلّليلويا” أدتها رفقا رزق بأسلوب أخّاذ في الجواب، تاركة المستمعين في حالة من الوجد والطرب.
يُذكر أن هياف ياسين، لم يكتفِ بالتلحين، بل شارك في العزف على آلة السنطور وأضفى بصوته دعمًا متناغمًا مع البطانة. كما شارك الأستاذ كريستو العلماوي بعزف مبدع على آلة العود، وساهم الأستاذ آندرس الترس في ضبط الإيقاع على آلة الرق بإبداع. ومع ذلك، كانت قمّة الأداء في هذا العمل لصوت المطربة رفقا رزق، التي برعت في تقديم هذا اللون الغنائي العريق والصعب بأسلوب يليق بأصالة وجمال الموسيقى العربية.
“المسيح ولد” على الرابط التالي: