رامي عياش … عندما يحمل الفنان فكراً ورأياً …وإنسانية
كتب جمال فياض
في برنامج “المجهول” مع الزميل رودولف هلال، كان الحديث مع رامي عياش مختلفاً وأكثر شغفاً للإنصات. لم ينظّر بالوطنيات بقدر ما كان بسيطاً وعاقلاً ومتوازناً. قلما نرى فناناً يسجّل موقفاً فيه عقل وخلفية ثقافية وإطلاعاً بدون مزايدة وعنف الكلام. إستفزّ رودولف ضيفه وجلس على كرسي محامي الشيطان، ومعه مساندة “المجهول” الذي اتخذ لنفسه قناع المهاجم المستفزّ ، بجرأة المتخفّي.
ظلّ رامي هادئاً، جريئاً، صريحاً، لا يراوغ ولا يتحايل ليكون بطلاً من ورق. هو كان صلباً ، واضح الرؤيا الآتي من شخصية المتابع الذي لا يستسهل الشهرة، ويكتفي بالغناء وحب الجمهور لصوت ونغمة وأداء وشبوبية الوسيم. لم يكن فظّاً، لكنه كان جريئاً يعرف مفاتيح الكلام الناقد، لكن المنضبط بالإحترام ووزن الكلام.
قبل لقاء “المجهول” الجدّي جداً، كان رامي ضيف “أبله فاهيتا ” في مصر. هناك كان اللقاء للترفيه والمزاح، واستطاع الرامي الشاطر، أن يدخل من باب الترفيه ضمن شروط السهرة، ليخرج من باب رمي الموقف الوطني المليء بالحب والعاطفة والمشاعر الوطنية.
ولا مرّة كان رامي عيّاش مستهتراً بإطلالاته الحوارية التلفزيونية. دائماً يُشعرك أنه يخفي ثقافة ومتابعة. هو المنخرط بالحياة الإجتماعية، والقواعد الإنسانية. ينتقد ويعبّر عن رأيه، فلا يجرح لكنه يعبّر عن ألمه ووجعه كمواطن بسيط، وإنسان يشعر بناسه ومحيطه.
الأهم وأهم الأهمّ، أن رامي لا يكتفي بالكلام وفخامة الحضور الإعلامي كفنان ونجم شهير، بل هو شمّر عن ساعديه ونزل بجمعية إنسانية قدّمت وتقدّم الكثير وبكل جدّية. ويشهد له الأطفال والناس الذين كانت له لمسة خير ومساعدة على تعليمهم ومساهمات ملموسة في بناء مستقبلهم، وطبابتهم وتجميل حياتهم المحاطة بالحاجة والعجز.
هذا الرامي، قدوة جميلة… لا يمكن أن يمرّ في حياتنا بالأغاني فقط، بل بالإنسانية وهي الأبقى من كل فن وغناء. وإذا كانت لحظات السعادة ونحن نستمع إليه يغنّي، تمرّ وتذهب، فإن الإنسانية التي تلبسه ويلبسها هي الأبقى في القلوب والضمائر…
في هذه الأيام الصعبة، يظهر جوهر الفنان الحقيقي، ورامي واحد من هؤلاء القلائل !
عشت وبوركت، وبورك الذي ربّاك!