اخبار الفنثقافةكتب جمال فيَاض

رفعت طربيه، يستحضر شكسبير وهاملت !

Screenshot

كتب جمال فياض

على مسرح “بيريت” الجميل،وبحضور جمهور من ذوي التوجّهات الثقافية الخاصة، وقف رفعت طربيه، يقدّم لنا “هاملت” … هذا الأمير التاريخي المجنون ، الذي تقلّب على أربعة قرون وربع،وتجوّل بين الأجيال بجنونه وبموته وتراجيديته الصعبة…
أعاد الراحل جيرار إڤيديسيان صياغته ورؤيته واكتشافه وغادرنا تاركاً كل هذا الجنون على ورق، ليبثّ فيها رفعت الحياة والروح ، مستئذناً شكسبير،ومستأنساً بڤيكتور هوغو ومحمد عوض محمد وجبرا ابراهيم جبرا ، ومستأسداً ب لينا أبيض.
جمهور النخبة كان هنا، تاركاً خارج المكان، السياسة والخلافات والتنظيرات والنظريات والحروب والمعارك والمشاكل … جمهور من رؤساء ووزراء ونواب وسفراء ومثقفين وصحفيين ونقاد وفنانين ، وكل ما يخطر على البال من النوعيات التي لا تأتي الى مثل هذا، إلا للضرورات ..
وقف رفعت، وحده متقمّصاً الأمير المجنون بكل جبروت الأداء، بكل رشاقة الفَتوَنة وحيوية الشباب، واسترسل بالأداء، حتى صرنا كأننا في تلك الحالة،وذاك الزمن. لم يترك رفعت طربيه الإمارة لهاملت، بل انتزعها منه ورقّاها فصار هو أميرها ومليكها والحاكم بأمر مسرحها.
من زمان لم تدهشنا مثل هذه اللحظة، من زمان لم نجلس على مقعد مريح، في مسرح فسيح، فنتجّمد في المكان، بل نتصبّر ونثبّت الدهشة في العيون، ولا يتحرّك منا إلا الأكف ، لتصفّق .
رفعت طربيه، وبصدفة تعمّدها الزمن، يقف على مسرحه، في اليوم التالي لرحيل الكبير أنطوان كرباج… وكأني بالكرباج يطلب التحية لنفسه وهو يغادر، ونحن وقفنا له دقيقة صمت قبل العرض.
رفعت طربيه، ليس مجرّد ممثل مخضرم يقف على مسرح… إطلاقاً، هذا العبقري الباقي لنا من الزمن البديع، يريد أن يقول لنا كلمة كنّا نريد سماعها ولا نعرف ممن ولا من أين. وقف هذا الأشيب المخضرم، فلا أخطأ بكلمة، ولا استهان بحركة، ولا قصّر بخطوة، فأدى هذا المشهد العبقري، بما يحفظ هيبته وهيبة وليم شكسبير.
شكسبير هذا، ربما كانت روحه تتوق لتحوم فوق بيروت، أو تتحوّل في شوارعها، أو تتسكّع في مسارحها…
ها هو رفعت طربيه يحقق لشكسبير حلمه، فأتى به وهاملت الى بيروت ، ونحن أتينا نشهد على الزيارة …
مات هاملت، وعاش رفعت طربيه!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى