رأيكتب جمال فيَاض

علي مطر… يحيّرك كيف أصبح كاليغولا!

كتب جمال فياض

على مسرح تلك الصالة العتيقة، صالة سينما “رويال”، التي تشبه تاريخ السينما بعراقتها، والتي شهدت مئات الأفلام يوم كانت الأفلام خبز الناس اليومي… في تلك الزواريب الجميلة من برج حمود، التي تحفظ عن ظهر قلب أحاديث الناس وحكاياتهم، اقتحم علي مطر المكان، ووقف على مسرحها حاملاً شعره، وشخصيته، وجنونه.
وعلى إيقاعات مزهر عشتروت عون، وصوتها الدافئ الذي رافقه، تمرّد على المشهد بشعر وصوت وحركة. لقد رسم جان عبد النور مشهد غرور كاليغولا وتمرده على الحياة والأرض والسماء بدقة، وبنى خطوةً خطوة صرحًا جميلاً من الخيال.

علي مطر غالبًا ما يحضر بما لا نتوقعه منه، فهو كفكرة أو قصيدة تلمع في ذهن شاعر، لا تظهر للعلن إلا بولادة عسيرة من رحم القريحة.

أن تأتي لتشاهد الشاعر يلقي قصائده المتتابعة في سلسلة واحدة، أمر جميل، لكنه إن طال، قد يوقظ فيك الرغبة بالخروج من نفق الرتابة. لولا بعض الهدوء الزائد، ورتابة الأداء في بعض المقاطع، لاكتمل المشهد وكفانا.

هو حضور تلك الحارسة المختبئة خلف ضربات الإيقاع، وقصائد الأخطل، وموسيقى الرحابنة، وصوت فيروز الذي كسر دوران اللحظة، وجعلنا نتنفّس قليلاً ونفرغ ما حُبس في صدورنا من أنفاس.

هل هذه مسرحية؟ بل مشهدية ليست كغيرها. وإن كُتبت ورُسمت للنخبة، فليكن! سنتقبلها بإعجاب، ولا بأس من بعض الضبط والتشذيب، لاكتمال الشكل في حضن المضمون.

ويبقى السؤال يلحّ: لماذا لم يخرج فسق كاليغولا المعروف من جحر الخجل والخفر؟ لماذا لم يفضحه علي مطر كما ينبغي؟ بل لماذا انتحل اسمه، ولم يتبنَّ أفعاله؟

عموماً، لا بأس…
ويبقى أن أذكّركم بهذه المعلومة:
كان الرحابنة، قديمًا، يوجهون الدعوات لكل الأصدقاء في العرض الأول، ليستمعوا للملاحظات، وبعد التعديلات، يوجهون الدعوة للنقاد والصحفيين.
فليكن…

تحية لهؤلاء الذين يصرّون على العمل ويتجاهلون الأزمات.
طوبى لهم، فإن لهم التحايا الأزلية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى