عندما انتقد جمال فياض نفسه … من يجرؤ على هذا غيره؟
صوت وصدى
بقلم : جمال فياض
عن مجلة زهرة الخليج /
في النقد الذاتي ، حلقة “صولا”…
ينتقد الصحفي والناقد كل الفنانين، وكل أعمالهم، وكل أحاديثهم. وينصّب نفسه حكماً وقاضياً وحاكماً. يثني على هذا وينتقد ذاك، يبدي إعجابه بهذه، ويفتي بفشل تلك. لا يترك الناقد الصحفي في كل العالم أحداً من شرّه وشرّ قلمه. ولكن، من ينتقد الصحفي إذا قال أو فعل أو حَضَر؟ أي بترجمة فنّية بسيطة، نعود الى حديث قاله أو نُقل ذات يوم عن الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب، قال:”كل الناس إذا أرادوا أن يطربوا، إستمعوا الى مطربهم المفضّل. لكن من هو مطرب المطربين المفضّل؟ … فأجاب بنفسه، هو وديع الصافي! إذا وديع الصافي هو مطرب المطربين. والحكاية منقولة والكل يتداولها، من منطلق اللقب الشهير “مطرب المطربين”، الذي رافق المطرب اللبناني الراحل وديع الصافي. وبالعودة الى النقد والصحافة، من هو ناقد الناقدين؟ من ينتقدهم؟ من يبدي عليهم ملاحظات سلبية أو إيجابية؟ هنا، خطر لي أن أكسر القاعدة لمرّة من نفسي، فأنتقد نفسي في إطلالتي في برنامج “صولا” الجزء الرابع، والتي بثتها شبكة “أو أس إن” منذ أيام. وفي هذه الحلقة المسجّلة منذ عدة شهور، كانت الفنانة اللبنانية نوال الزغبي، والملحن سليم عسّاف والمطرب الشاب نادر الأتات، و”حضرتنا”! وحضور “حضرتنا”، جعلنا نتابع الحلقة، التي إنتظرناها طويلاً. وبعد المشاهد، لا بد أن نسأل من شاهدها عن رأيه. وحيث أن الإجماع على الإعجاب بما قلته وما غنّيته لم يقنعني ولا هو غرّني، فأنا أعتذر من الجميع لأن لي وجهة نظر أخرى. وبناءً على هذه الوجهة النظر، كان لا بد من الكتابة عن هذه الحلقة. وبناء عليه أيضاً، يمكننا القول لاحقاً لكل الأحبة من الفنانين، “من سوّاك بنفسه ما ظلمك”. لقد أطل “الزميل جمال فيّاض” –الذي هو حضرتنا- في إحدى حلقات برنامج “صولا”، الى جانب مجموعة من الفنانين المشهورين (ذكرناهم أعلاه). لكن الزميل جمال فياض تكلّم أكثر من غيره. ربّما حذف المونتاج بعض ما قاله الباقون، وأبقى على حديثه أكثر قليلاً. قد يكون هذا أمراً طبيعياً، فهو جاء ليتكلّم وليس ليغني. ليغني؟ طبعاً ليس ليغني. لكن الزميل جمال فيّاض غنّى. وإسترسل. وبما أن الحاضرون جاملوه قليلاً، فهو نسي نفسه، وراح يشترك في أغلب الغناء. والزميل فياض الذي لام أصالة ذات مرة –بل مرّات- لأنها تغني أكثر من ضيوفها، عملها هو هذه المرّة. يعني صاحبنا –جمال فياض اللي هو حضرتنا- يحب الغناء والموسيقى وله ذوق وهو أمر نعرفه، لكن أن يصدّق نفسه ويزيدها في الغناء الى حدّ الإزعاج؟ فهذا ما لا نرتضيه له ولا لسمعته التي نعرفها عنه بأنه يجيد الكيل بالعدل والقسطاس. كان يجب أن يكتفي الزميل جمال فيّاض بالأغنية الطريفة للفنان أحمد عدويه “بسبوسه”، ثم يترك باقي الغناء، لغيره من الفنانين الحاضرين وكلهم من أصحاب الأصوات، ويكتفي بلعب دوره كمتحدّث. وإن كنّا تمنينا لو أنه ترك لباقي ضيوف الحلقة، المجال أكثر للكلام مثلما تركوا له المجال “للغناء”. على كل حال الملامة لن تقع على جمال فياض فقط، بل أيضاً على المخرج طارق العريان، الذي لم يختصر بالمونتاج للمشاهدين غناء فيّاض الزائد عن اللزوم. وهو الذي إختصر –أي المخرج- من كلامه قصة طريفة رواها عن مباراة بين محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وعدد من الملحنين نظّمها في الستينات من القرن الماضي عميد دار الصيّاد الراحل سعيد فريحه، في مجلة الشبكة. وهي المسابقة التي فازت بها أغنية “أيظنّ” (شعر نزار قبّاني ولحن محمد عبد الوهاب وغناء نجاة الصغيرة) بالمرتبة الأولى، وأغنية “حكاية غرامي” (كلمات مأمون الشناوي وألحان وغناء فريد الأطرش بالمرتبة الثانية). على العموم، قد تكون الحلقة أعجبت أغلب المشاهدين، ومن لم يستطع إيصال صوته للتعبير عن إنزعاجه من الزميل جمال فيّاض الذي صدّق حاله أنه يغني فاسترسل، ها نحن نوفّر ونختصر عليه الطريق، ونعبّر عن رأيه… وبقلمنا ذات نفسه! فسامحونا…. لن نعيدها في مرّة مقبلة.