ثقافةاخبار الفنكتب جمال فيَاض

عودة كركلا … بروعته ألف ليلة ، وهدى وجوزيف عازار !


كتب جمال فياض

بدعوة خاصة لعرض خاص، عرضت فرقة كركلا على مسرح ال”إيڤوار – سن الفيل” مسرحيته المتجددة الجديدة “ألف ليلة وليلة” حكاية الزمان التي لا تنتهي ولا تتوقف.. فأبهرنا كالعادة، وكما دائماً أذهلنا ودوّخنا إعجاباً ..

لا تأخذ الأيام من كركلا شيئاً، بل يضيف الزمن الى رصيده أرصدة. عبقرية المشهد عند كركلا تشبه قلعة تاريخية قديمة أو هيكل من هياكل آلهتها، كلما سطّر الزمن عليها سنة، أضاف لها قيراطاً من الذهب. هكذا تقول لك اللوحات، وهكذا قال لنا مسرحه وخشبته، أنا كما سلطان الزمان أغيّر ولا أتغير.
في مسرحية “ألف ليلة وليلة” التي مزجت فيها الحياة كل ألوان الإبداع، قدّم كركلا عرضه الأول لعمل لا يمكن أن يتصوّره العقل، لكن العين أقنعتنا أنه حقيقة وواقع. راقصون وكأنهم ولدوا في رحم الرقص والليونة والبراعة، وملابس لا يمكن أن تتخيلها مخيّلة… تصميم وخطوات وبراعة ولا في الخيال. على توزيع شرقي جميل لموسيقى شهرزاد (ألف ليلة وليلة) الخالدة، لعبقري الموسيقى نيكولاي ريمسكي كورساكوف، حيث تروي لك الموسيقى الحكاية الآتية من خيال بلا حدود ولا إطار. حوار بالأجساد الراقصة المليئة بالحياة، وومضات العيون الغاضبة والحانية والبائسة والمتعطّشة للعشق والحب. تملأ المسرح أجساد تشبه الأرواح الطائرة الهائمة، حتى تحسبها مجرّد أرواح شفّافة تطير ولا تستقر …
وفي الفصل الثاني مشهد طويل بكل أنواع الإستعراض الإبداعي على موسيقى بوليرو لموريس رافيل بنسخة شرقية أُعدّت خصيصاً للعرض … ليختمها بلوحة لبنانية مختلفة وخارجة عن المألوف مع مفاجأة بإطلالة الكبيرين هدى حداد بصوتها الذي الذي جوهرته الأيام أكثر، وجوزيف عازار الذي ما زال كما صخرة عُلقت بالمجد يسكنها ، أما حضور القدير والخبير سيمون عبيد فكان كما حبّة الماس على صدر المكان بصوته وحضوره وتميّزه الدائم…وكان سبقهم في الفصل الأول بدور الراوي الفنان القدير غبريال يمين…
أما المنتظر كما دائماً فكانت القفلة مع عمر كركلا، الذي بدونه لا تكون حبّة المسك كاملة …
هناك دولة فنية كبيرة،مؤسسة وكيان خاص لا يمكن وصفه بكلمات، إسمها فرقة كركلا … فلا الملابس مجرّد أقمشة وألوان، بل هي قلعة من خيال وإبداع، ورشة كاملة تضع بصمة على تاريخ الفن والإستعراض،وكأنها تعيد الزمن مئة عام الى الوراء، بل مئات السنوات،الى حيث تشعر أنك تجالس ملوكاً وأباطرة بكل هيبات العروش، فتشاهد بكل حواسك زمناً له في الخيال أشكالاً ما تصوّرنا يوماً أننا سنعيشه ونراه ونلمسه….
لا يمكن أن يكون هذا العالم المسمّى كركلا، من هذا الكوكب أو هذا الزمان ..
لكنه كان، وما زال !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى