لم يكن صالح كامل مجرّد رجل أعمال عصامي ناجح، لم يكن مجرّد إنسان دؤوب على العمل الصالح. لقد عرفت هذا الرجل عن قرب لأربعة عقود كاملة، ولم أجد فيه إلا صفات الرجل النبيل الصادق والوفي. لقد عرفت الشيخ صالح كامل وهو شاب لا يعمل إلا بما يرضي الله، وأرضاه الله أن توفاه شيخاً وهو يصلّي في العشر الأواخر من شهر الله.
كنت محظوظاً جداً، أني عرفت وعايشت رجلاً لن يتكرّر، وقلّما يجود الزمان بمثله إسمه صالح كامل. كنت أراه وأتعلّم منه كيف يكون العمل والإدارة الناجحة، لكن تعلمت منه أكثر وأهم من هذا، تعلّمت منه كيف تكون إنسانية الإنسان. هذا الناجح الثري، كانت أعمال الخير والإحسان التي يقوم بها، أكثر بكثير من أعماله التجارية والإستثمارية. كان يقول ويردّد لم أولد وفي فمي ملعقة من ذهب، لكنه كان رجلاً من ذهب. بأخلاقه، بتواضعه، بطيبته وتسامحه. يُقال إذا أحب الله عبداً، حبّب خلقه به، وهذا ما كان عليه. كل من عرفه أحبّه وأحترمه وقدّره. ما آمن إلا بالله وبالإنسانية في التعامل، وبمبدأ أن إعمار الأرض بالخير هو أساس وجود الإنسان وسببه. ما قام بعمل إلا وكانت الأخلاق أساسه وعماده. ما تعامل مع الناس والمحيطين به، إلا بنبل وشهامة ورجولة. لم يخذل قريباً أو بعيداً. لم يميّز بين إنسان وآخر إلا بقدر إحترامه لنفسه وللآخرين وحسن التعامل. كان متسامحاً الى أقصى الحدود. سلامه على الكبير والصغير، كان بمحبة واحترام. يقدّر العاملين معه أحسن تقدير، ويراعي ظروفهم مهما كانت مراتبهم الإدارية والوظيفية. كريم جداً، لكن ليس مبذّراً. صالح كامل كان سخيّاً بماله على المحتاجين، وعلى العاملين، وحريص جداً على ألا يهدر أو يبذّر أي قرش في غير مكانه.
أما الإداري، فأحدثكم ولا أفيه حقّه، لأنه كان ذكياً حكيماً في كل حساباته وإرشاداته. لم يدخل مشروعاً إلا وكان للأعمال الخيرية فيه الحصة الكبيرة.
أذكره في كل صلاة، وأذكره في كل يوم، وفي بالي دائماً، هذا الرجل الكبير الذي أثّر بحياتي كما بمئات الأشخاص الذين عايشوه وعملوا معه. والسعادة أن تراه بعد رحيله، ترك أسرة تعمل على خطاه وتتابع مشواره، بأعمال الخير والإحسان، من خلال جمعية خيرية تحمل إسمه.
إذا ذكرت الإنسانية رجالاً عظماء تركوا فيها آثراً طيّباً، فمن المؤكّد أن إسم الشيخ صالح كامل سيكون في طليعة هؤلاء الرجال.
في ذكرى رحيله، أدعو له بالرحمة ورضى الله عنه، وأن يدخله رب العالمين بعدله جنته ونعيمه.