كتب جمال فياض، عماد دبّور … طريقة وطريق في “مش ممنوع”
كتب جمال فياض:
أتانا نحن في لبنان شخص أسمر مليء بالحيوية والحياة، رجلٌ باسم كما التفاؤل في حياة السعداء، ودخل حياتنا بدون أن يستأذن أحداً. دخل بيوتنا عبر الشاشة الصغيرة، هذه الشاشة التي كانت نافذتنا الوحيدة على العالم، والتي كلما كبرت واتسعت، كان إقترابها من النهاية أسرع. عبر شاشة التلفزيون، يطلّ عماد دبّور، الإعلامي والمحاور التلفزيوني التونسي، وهو الحامل تاريخاً في عالم السينما والإخراج والإنتاج. بدأت شاشة تلفزيون “الجديد” اللبنانية، وهي إحدى المحطات المنتشرة جداً في لبنان والعالم العربي، وهي التي كانت وما زالت موضع جدل، بين مؤيّد متحمّس، وبين معارض لتوجهاتها. مؤخراً، وصلها الدكتور عماد دبّور. جاء المحاور الجريء المثقّف الواسع المعرفة، وقدّم عدة حلقات من برنامجه “ممنوع” ثم أتبعه مؤخراً بحلقات مضافة، تحت إسم “مش ممنوع”. كان عماد دبّور ضيفاً على كبار النجوم والمشاهير، في عالم الفن والشعر والموسيقى والغناء والسينما والصحافة والسياسة. لم يترك شخصية في بيروت أو القاهرة لها شأنها أو تأثيرها، إلا وطرق بابها وأجلسها على كرسيه، فحاورها على طريقة نزار قباني في وصفه لإمرأة “أعطته كل الحضارة، وحاورته كما تحاور القيثارة”. تماماً، هو الوصف الدقيق والصحيح، عماد دبور يحاور ضيوفه بمنتهى الحضارة، و كما القيثارة. على إيقاع ونغمة، على وتر وكمان، يسرح في الحوار، دون قيد أو شرط. يفتح ذاكرته، ويبدأ، ثم يتسع ثقب الذاكرة، حتى يبدأ يغرف الكلام من ضيفه، بانسيابية وسلاسة. يُضحكهم يُحرجهم وربما يُغضبهم ويُبكيهم. من عادل إمام ودريد لحّام ومنى واصف، حتى مارسيل خليفة وهبة طوجي ، بعدما اقتنص من أحمد فؤاد نجم وعبد الرحمن الأبنودي أجمل حوارين قبل رحيل الشاعرين الكبيرين بقليل، مروراً بأسماء وأسماء، ما طالها صحفي ولا حاورها مذيع إلا “بطلوع الروح”. هو الذي كان آخر من حاور رئيس تونس الراحل الكبير الباجي القائد السبسي. هو عماد دبّور بسحره و”شعوذاته” يدخل في القلب والروح، فيأتي بضيفه مهما علا شأنه، مطيعاً صاغراً مرتاحاً معترفاً متكلّماً صريحاً.
قد لا أبالغ إن قلت أن الحوار التلفزيوني المتعارف عليه من زمان شيء، والحوار التلفزيوني مع عماد دبور شيء آخر. شيء مختلف تماماً. هو نوع من “الإعلامودراما”. هل سبق وسمعتم عن مثل هذه التسمية؟ بالطبع لا… هي علامة مسجّلة وحصرية لمحاور إسمه عماد دبور. هو يبدأ بحوار سؤال وجواب، فينتهي بمشهد درامي فيه إرتجال المواقف الدرامية، لكن الحقيقية، وإعتراف يشبه النص المكتوب سلفاً، والسيناريو المرسوم على مقاس الضيف الحاضر.
شاهدوه… “مش ممنوع”، طريقة حوار تكاد تصبح طريقة وطريق، سيسلكه المحاورون الجدد، وما أقلّ الجديد لدى المحاورين التلفزيونيين هذه الأيام.