كتب جمال فيّاض محمد عسّاف، بعد بعلبك، إنتبه لنفسك!
كتب جمال فيّاض
حقق المطرب الفلسطيني الشاب محمد عسّاف نجاحاً كبيراً في حفلٍ أقامه ضمن ليالي “مهرجانات بعلبك” على مسرح وقفت عليه فيروز وأم كلثوم وعشرات الأسماء العربية والعالمية الكبيرة. وفي حفل محمد عسّاف، كان النجاح أولاً لتاريخ الفنان الراحل عبد الحليم حافظ، وثانياً للأداء الجميل والمتمكّن للفنان الشاب الذي كان وما زال أبرز الفائزين بلقب “آراب أيدول”. مع فرقة موسيقية غنيّة وكبيرة، بقيادة الفنان المايسترو هشام جبر. غنّى محمد عسّاف، أجمل أغاني عبد الحليم، والتي كانت وما زالت تشكّل جزءاً من الغناء العربي العاطفي. يمكن الجزم، بأن محمد عساف أنجز وأجاد ونجح وتفوّق في هذه السهرة، التي شاركه فيها الجمهور الغناء. كيف لا، والأغاني محفوظة منذ زمن، وتشكّل ذاكرتنا شيباً وشباباً. الأمر ليس سهلاً، أن تقف أمام جمهور يعرف جيداً ما جاء ليسمعه، ويعرف ويحفظ عن ظهر قلب، كل كلمة ونغمة وتنهيدة من أغاني عبد الحليم حافظ، الخالد بشخصيته وصورته وأغانيه وإحساسه. نجح محمد عسّاف، نعم. وكان على قدر المهمة التي حملها، وكنّا خفنا عليه قليلاً أن يسقط في فخّ المقارنة. المقارنة بين الأصل والنسخة. ولكن، بعد هذه الهتافات العالية، وهذا التصفيق من الآلاف الذين أتوا إليه في بعلبك، ماذا سنقول لمحمد عسّاف؟ أنت أجدت أداء أغاني عبد الحليم ونجحت، ماذا ستقدّم لنا في العام القادم على باقي المسارح التي تنتظرك؟ ماذا ستقدّم على مسرح “قرطاج” مثلاً؟ أو مسرح “مهرجانات بيت الدين”؟ أو “أهدنيات” أو “جونيه”؟ هل ستظلّ تقدّم لجمهورك الذي يحبّك أغاني عبد الحليم؟ هل ستتحوّل الى بديل للمطرب المغربي عبده شريف؟ هل ستأخذ عنه تاريخ عبد الحليم الذي أسره، وحوّله إلى صورة بديلة عن المطرب الغائب؟ لقد سقط شريف في فخّ الإستنساخ، وصار اليوم نسخة عن عبد الحليم، ولم يستطع الخروج منه. وهو اليوم يقف على مسرح “مهرجانات بيت الدين” ليغنّي عبد الحليم. يعني أن بعلبك إستنسخت بمحمد عسّاف الفكرة. فقد سبق لـ”بيت الدين” أن أتت بالمطربة المصرية أمال ماهر لتغني أم كلثوم، وقبلها أتت بالمطربة السورية رويدا عطيه لتغنّي صباح. وما زالت أمال ورويدا، ترهقهما هذه الطبعة، وهما تحاولان الخروج، الأولى متعبة بمحاولة الخروج من عباءة أم كلثوم والثانية من عباءة صباح. طبعاً لن أذكّرك، بالمطرب السوري صفوان بهلوان الذي ذاب بشخصية وأغاني المطرب محمد عبد الوهاب. فلا خرج منها، ولا قدّم في حياته غير أغاني الموسيقار الكبير.
محمد عسّاف، مطرب فيه كل مواصفات النجاح، وسامة وصوت جميل وقادر، والأهم من كل هذا، نعمة القبول، فهو إذا ابتسم شرح صدر المشاهد، وإذا غنّى، أطرب أذن السامع، وإذا وقف خطف قلب الناظر. لا ينقصه إلا أمر واحد، وهو سهل جداً، فقط يحتاج الى بعض الجهد. ينقصه أن يبحث عن أغاني تناسب شخصيته، أن يعتمد لوناً غنائياً ينطلق به الى النجومية، وعندما يحقق شهرته الكبيرة، يمكنه أن يتحرّر من أي لون غنائي، ليصبح خلفه جيش من جمهور يتبعه.
لا يجوز أن يقتل محمد عساف نجاحه الكبير، باستسهال النجاح بأغاني عبد الحليم حافظ، وهو القادر أكثر من كل زملائه الشباب أن يحصل على بطاقة الإنطلاق نحو النجومية ببعض الإجتهاد والبحث بذكاء عن شخصيته الفنية. وهنا سأسجّل لمحمد عساف ما يجب أن يتذكّره جيداً، أنه إذا أعاد الكرّة وأحيا حفلات وخصوصاً مهرجانات كبيرة، بأغاني عبد الحليم حافظ، أو أي مطرب من الجيل الماضي، لن تقوم له بعدها قائمة، ولن يكون نجماً في المستقبل مهما حاول ومهما إجتهد. والأيام بيننا!