“كل ساعه ويوم” … إحسان المنذر يتحدّى الضجيج
كتب جمال فيّاض
تأنّى الموسيقار اللبناني إحسان المنذر طويلاً حتى منح أغنيته الجميلة لصوت يستحقها، ويغنيها كما كان يريدها. لكن لهذه الأغنية حكاية طويلة قبل أن تصل الى صوت ميريام عطالله. وعن الحكاية يقول الملحن صاحب التاريخ الطويل والكبير بالنجاحات سواء مع صوت السيدة ماجدة الرومي والسيدة جوليا، أو مع عدد كبير من الأسماء اللبنانية والعربية المعروفة، ومنهم راغب علامه ونجوى كرم وسميرة سعيد وآخرين. بالإضافة الى عشرات المقطوعات الموسيقية والموسيقى التصويرية لأفلام سينمائية وبرامج ومسلسلات تلفزيونية.
في أغنيته “كل ساعه ويوم”، التي كتبها إحسان المنذر ولحنها، يقدّم نغمة طربية من زمن الطرب الشرقي الجميل. ويبدو أن الأغنية – حسب ما علمنا- ظلّت تنتظر طويلاً حتى جاء الصوت المناسب لمثل هذا الغناء الصعب أو لنقل السهل الممتنع. لحن فيه تنوّع جميل بالمقامات الموسيقية، وفيه نقلات صعبة، ليس سهلاً على أغلب المغنين الذي تتصدر أسماؤهم الإعلام الفني. جاءت ميريام عطالله، وتحدّت نفسها بعد الكثير من الأعمال الغنائية، وهي خريجة “ستار أكاديمي” التي غنّت ومثّلت ورقصت وكانت متميّزة بتعدد مواهبها الفنية في البرنامج. في “كل ساعه ويوم” تثبت ميريام قدراتها كمطربة، وصوت محترف مطواع، يختصر أنواعاً من الأداء والغناء الطربي. وقد سمح اللحن الدسم لكن المبسّط بالكثير من التلاعب بالنغمات الشرقية، فسهّل على ميريام المهمة، وأوصلت المطلوب منها بكل شطارة وجدارة.
يقول إحسان المنذر، أنه عندما جاء في خاطره المطلع، قرأه للشاعر الغنائي الكبير عبد الرحمن الأبنودي (رحمه الله)، فطلب منه الشاعر أن يكمله لأن المطلع فيه روح الشعر الغنائي الطربي، وأنه إذا أكمل الكلمات ولحّنها سيكون قد أعاد الزمن الجميل الى عصرنا. ويبدو أن هذه الكلمات هي التي جعلت الموسيقار اللبناني المخضرم، يذهب بلحنه الى مكان كلاسيكي وطربي أكثر منه اللون اللحني السائد في هذا الزمن. وبالفعل، راح يلحّن ويطرّب ونلاحظه في بعض الأماكن قد لحّن جملة واحدة بأكثر من نغمة ولحن ومقام.
هي أغنية طربية بإمتياز، لكنها ستجد آذاناً صاغية كثيرة بين جمهور اليوم. وبهذا يكون إحسان المنذر الذي لحّن قصيدة “كلمات” بتنوّع لحني وأوركسترالي حديث، والذي لحّن لراغب علامه أغنية مميزة بتوزيعها الشبابي والمودرن مثل أغنية “برافو عليكي”، يعود فيدخل زمن الطرب في أواسط القرن الماضي، فيستحضره بكل جرأة وتحدٍ ليثبت أن الجمهور يمكن أن يُعجب بالغناء الجميل، وليس بالضرورة أن يكون مجرّد قرقعة إيقاعات وضجيج بلا ميلودي.
كليب رندلى قديح، نقل بكلّ صدق زمن اللحن والأغنية، وصوّرها كما تستحق، بالصورة والديكورات التي أكّدت أن عين المخرجة الشابة، عادت وأعادت الزمن الذي نسمع عنه ولا نراه.
وهي جرأة كبيرة من الشركة المنتجة “العانود برودكشن” أن تراهن في عزّ سيطرة الغناء الألكتروني، على أغنية طرب وشجن ومقامات شرقية.
كل كام سنة، تخترق أغنية أسماعنا بحب وشجن. وأظن أغنية “كل ساعة ويوم” هي أغنية هذا العام.