ماجدة الرومي ، عندما تنازلت الملكة …
كتب جمال فياض – أبو ظبي
عندما تنازلت الملكة … غنينا لها!
لا يمكن أن تكون كل حفلات ومهرجانات ماجدة الرومي متشابهة. يفلت منها التكرار في كل مرّة، حتى يشعر الناس أنها جديدة تتجدّد من تلقاء نفسها. تماماً مثل الوردة التي تتفتّح في الصباح، لتنغلق في المساء، ثم تعود لتتفتّح في صباح اليوم التالي، لكنها تفاجيء ناظرها أنها لا تتفتّح فقط، بل تتلوّن وتتجدّد مع الصباحات. هكذا هي الماجدة، التي تحمل في قلبها وبأهدابها حبّاً وسلاماً، لا تنفكّ تنثره في كل مكان تحلّ فيه، وكل زمان تأتي إليه. هذا الموعد مع أبو ظبي، ليس الأول ولا الثاني … هي التي تظهر على هذه الربى الجميلة، كما زهور الكواكب الغريبة، عندما تآلفت مع الرمال الجافة الصلبة، فأزهرت وأسعدت ولوّنت، ثم كما عاشقة، خطّت سطراً في الهواء ومحت.
على مسرح في الهواء الطلق، وفي طقس ربيعي جميل، تتداخل فيه نسمات الصبا، تبحث عن نغمات وموسيقى لتتغنّج على صوت ملائكي جميل. فإذا الماجدة البهيّة، تطلّ بثوب أبيض أبيض أبيض، حتى حسبناه أكليل ثلج عن قمّة جبل لبناني رفيع التاج، حملته بروحها وقلبها، وأتت به تنثره مع الحب والكلام الحلو الرقيق، بصوت عذب، يشهد له الزمان أنه ما هدأ ولا استكان.
ماذا أحكي لكم عن ماجدة الرومي في مهرجانها الذي اختتمته بصوتها، لتقفل الأبواب على “موسيقى أبو ظبي الكلاسيكية” حتى العام القادم؟ ماذا أقول، عن هذه السحابة المضيئة التي حملت من لبنان كل جمال نفتقده فيه، وكل سلام نحتسبه، وكل محبة نفتقدها؟ هكذا بكل بساطة وهدوء، أتت ماجدة الإعتزاز بصوتها وحضورها وألقها، وحملتنا على جناحين من موسيقى وغناء، وبدأت “تنكش” ذاكرتنا ومشاعرنا، بلهيب الحنين. تذكرنا معها، “كلمات” نزار قباني، و”لا تسأل” سعاد الصباح، و”مطرحك بقلبي” مارون كرم، وموسيقى حليم الرومي وإحسان المنذر مروان خوري و”زيننّا ساحة “الرحابنة و”ليلة عمر” من زكي ناصيف، و”ساعات” كمال الطويل و”السكّر المرّ”، الذي ما زالت تحفظه في قلبها مع زمن “الإبن الضال”. وقاد الفرقة اللبنانية الرائعة، مايسترو كبير وقدير، هو لبنان بعلبكي.
فاجأتنا ماجدتنا، كعادتها بحبّها وحنانها الإنساني، ليس فقط بأمنياتها للبنان ولدولة الإمارات العربية المتحدة، وليس فقط بأنها غنّت مشاعرنا وأغانينا التي أحببناها معها وكبرنا معها على سماعها. بل هذه المرّة، تنازلت الملكة حبيبة الشعب والجمهور، وتركت لنا جميعاً فسحات من السعادة، غنّينا فيها كلمات أغانيها وأنصتت هي لأصواتنا، نحن الذين جعلنا من صوتها “حرزاً” يحصّن مشاعرنا من الخوف، والقلق، والإحباط… ويطلقنا الى التفاؤل والأمل والحلم واليقين… اليقين بأن صوت الماجدة، يحرّضنا دائماً، ألا نيأس ولا ننكسر مهما كانت المصاعب.
ما أجمل أن تكون في حياتنا ماجدة الرومي، وما أجمل لبنان أن يكون صوته في كل مكان، هو صوت ماجدة الرومي… أيتها الخرزة الزرقاء على جبين وطن وفي قلب شعب، حماكِ الله لنا وللإنسانية!