ممالك النار … هل سيشعل النار حقاً ؟
عامر فؤاد عامر
“السلطان أهمّ من الإنسان”، و”العرش لا يقبل القسمة على اثنين”، عبارتان بلون الدّم حملهما الإعلان الأوّل لمسلسل “ممالك النار”، إلا أن الإعلان ينضوي أيضاً على تفاصيل تشير إلى أهميّة ما سيتابعه المشاهد العربي، لا سيّما وأن الأمر يتعلّق ببداية توسّع الغزو العثمانيّ المُنتهجةِ سلسلةً غير منتهيةٍ من سفكِ الدّم، والخيانات، والاغتيالات ضمن الأسرة الواحدة، والسيطرة على الشعوب، والأراضي، والأقاليم المُستعمرة فيما بعد.
عن بيتر ويبر..
يحمل “ممالك النار” بصمةً سينمائيّةً من خلال عين المخرج “بيتر ويبر – Peter Webber” البريطاني الجنسيّة، وقد أَلِفنا أسلوبه في إخراج السيرة الذاتيّة مثل أفلام “الفتاة ذات القرط اللؤلؤي – Girl with apearl earring”، و”الامبراطور – Emperor”، و”عودة هانيبال – Hannibal rising”، وغيرها من الأفلام السينمائيّة، فهل ستكون المعالجة في تجربته الدّراميّة الجديدة “ممالك النار” في نفس المستوى؟! خاصّة وأن العمل يحمل سيرة حياة السلطان “سليم الأوّل” أو “القاطع” ولقبه الغرب بألقاب مثل “العابس” و”الرهيب”، والتي يجسّدها النجم السوري محمود نصر، لكن المسلسل يوثّق أيضاً لمرحلة سقوط دولة المماليك على يدّ العثمانيين، وعدّة أحداثٍ في بدايات القرن السادس عشر، مغرقاً في حقائق غير متداولة في الشارع تخصّ السلطان، والحكم، وخفايا كثيرة سيكشفها السياق الدّرامي للعمل، إذاً نحن أمام مشاهدة جديدة قد تثير القلق لدى دولة الجوار في الشمال السوري، فهل سيشعل العمل النار حقاً بإثارة حقائق ملتهبة عن أسلافهم؟! إذ لا بدّ أن اختيار “ويبر” المولود عام 1968 لم يكن اختياراً عشوائيّاً، فبالإضافة لكونه صاحب خبرة ومسيرة ناجحة في عالم الإخراج السينمائي، لا بدّ من الالتفات إلى أنه تطرّق في مسيرته لثقافاتٍ إنسانيّة متنوّعة كما في فيلم “الامبراطور” الياباني، عدا عن إغراقه في التفاصيل ببرودة أعصابٍ من دون التخلي عن أسلوب خاصّ في التشويق، لكن “ويبر” أيضاً كان قد عمل في كتابة السيناريو، والإنتاج، والإخراج التلفزيوني.
ممالك النار درامياً
“ممالك النار” من تأليف السيناريست والروائي المصري محمد سليمان عبد الملك، وبطولة كوكبة من نجوم الدّراما بين مصر، وسوريا، وتونس: خالد النبوي، محمود نصر، منى واصف، رشيد عسّاف، حسن عويتي، عبد المنعم عمايري، ديمة قندلفت، نادين تحسين بك، كندة حنا، رنا شميّس، نضال نجم، محمود الجندي، يحيى بيازي، يزن السيد، خالد نجم، سهير بن عمارة، فتحي الهداوي، ياسين بن قمرة، الفرزدق ديوب، حلا رجب، مصطفى سعد الدين، يارا قاسم، يامن فيومي، وغيرهم. يشار إلى أن العمل ضمّ فريقاً من أهل الخبرة في صناعة الدّراما عالميّاً في مجالات مثل: المكياج، الملابس، القتال، الفرق القتالية، الدّيكور، ومن عدّة دول كإيطاليا، أستراليا، وكولومبيا.
موجة جديدة في الإنتاج الفنّي
يُعدُّ العملُ برؤيةٍ بصريّةٍ جديدةٍ ضمن سلسلة الأعمال المُنتجة حديثاً، اعتماداً على الخبرات التي أشرنا إليها، وأيضاً للإنتاج الضخم من قبل جينو ميديا Genomedia وسيبدأ عرضه ابتداءاً من السابع عشر من تشرين الثاني على مجموعة قنوات MBC. لكن لا بدّ من الإشارة إلى أن مرحلةً مختلفةً عن الماضي قد بدأت في ميدان الإنتاج الفنّي على مستوى إقليمي وعالمي، ومع اعتراف الكونجرس الأمريكي رسميّاً منذ أيّامٍ قليلة بالمجازر العثمانيّة التي ارتكبوها بحقّ الأرمن، والسريان، والآشوريين، بين إرمينيا والشمال السوري، سنرى أن دفعاً سياسيّاً جديداً سيلقي بالصورة الفنيّة، شكلاً ومضموناً، نحو المرحلة الجديدة، ومنذ مدّة ليست بالطويلة كنّا قد لاحظنا المتابعة الهائلة، والتأثير على المتلقي في مسلسل “صراع العروش – Game of throns” الذي نال شهرة قاطبة لم تكن في الحسبان حتى من قبل مُنتجيه، وقريباً جداً سنرى ملفاتٍ جديدة ستفتحُ على مصراعيها النار باتجاه السلطنة العثمانيّة وتشريح تاريخهم المليء بالجرائم وتجاوز الخطوط الحمراء للتاريخ الإنساني، إذاً الضوء الأخضر قد بدأ بالانتشار.