اخبار الفناسرار وكواليس

أسرار ملهى فريد الأطرش: مغامرة الموسيقار الكبير في بيروت


فريد الأطرش في ملهاه ببيروت

اكتشفوا الوجه الخفي لفريد الأطرش، الموسيقار الأسطوري الذي حلم بإنشاء ملهى ليلي راقٍ في قلب بيروت. من لحظات الفرح إلى التحديات النفسية والجسدية، هذا التقرير يكشف أسرار ملهاه، مستندًا إلى روايات صديقه المقرب محمد بديع سربيه.

فريد الأطرش: رمز الفن العربي

فريد الأطرش، الاسم الذي يعني الشجن والإبداع في الموسيقى العربية، ترك إرثًا خالدًا بألحانه مثل “الربيع” و”حبيب العمر” وأفلامه التي سحرت الجماهير. لكن خلف هذا النجاح، كان هناك إنسان حساس عاش لحظات من الفرح والألم، خاصة في سنواته الأخيرة عندما قرر خوض مغامرة جديدة: إنشاء ملهى ليلي يحمل اسمه في بيروت. هذا التقرير، المستند إلى سلسلة “آخر سنوات حبيب العمر” التي كتبها محمد بديع سربيه، رئيس تحرير مجلة “الموعد”، يكشف أسرار هذا المشروع، من شغف فريد إلى التحديات التي واجهته.

حلم الملهى: شغف لا حدود له

في أواخر حياته، قرر فريد الأطرش تحقيق حلم طموح: إنشاء ملهى ليلي في منطقة الروشة ببيروت، يعكس فخامته Fنية ومكانته كموسيقار كبير. أنفق كل مدخراته المالية على هذا المشروع، مصممًا على جعله آية في الأناقة والرقي. كان فريد يحشر نفسه في كل صغيرة وكبيرة، من متابعة تصميم الديكورات التي أعدها المهندس هاغوب اصلانيان إلى اختيار البرامج الفنية التي ستجعل الملهى الأفضل في بيروت. كان يتناول طعامه يوميًا في مطعم قريب ليبقى على مقربة من العمال، ويمتع عينيه برؤية المشروع يتحقق.

زيارة فريد لمحمد بديع سربيه في المستشفى

تُظهر إحدى القصص المؤثرة مدى شغف فريد بالملهى. عندما كان صديقه المقرب محمد بديع سربيه في المستشفى بعد إجراء عملية جراحية بسيطة، زاره فريد بعد ساعات قليلة من العملية. كان سربيه تحت تأثير البنج، ومع ذلك، جاء فريد حاملًا ملفًا كبيرًا يحتوي على رسومات الديكور. بفرح وحماس، وضع فريد النظارات على عيني سربيه، وفرش أمامه الرسومات، وبدأ يشرح تفاصيل الديكورات والبرامج الفنية التي يحلم بتقديمها، غير مبالٍ بحالة صديقه الذي كان في غيبوبة ولا يستطيع فهم كلمة واحدة أو رؤية أي رسم.

افتتاح الملهى: نجاح تحت النار

بعد جهود استمرت قرابة العام، افتُتح ملهى فريد الأطرش في الروشة، ليصبح وجهة مفضلة لعشاق الفن الشرقي والعائلات. كان الملهى يتميز بأجوائه الراقية، حيث يجتمع الغناء العربي الأصيل مع الرقص الشرقي. حضر افتتاحه شخصيات بارزة مثل سميرة خاشقجي، والدة دودي الفايد، مما زاد من شهرته. حقق الملهى نجاحًا ماديًا وفنيًا، حيث كان الإقبال عليه يفوق الملاهي الأخرى، وفقًا لتقارير مندوبين سريين أرسلهم فريد لمراقبة المنافسة.

افتتاح ملهى فريد الأطرش في بيروت

افتتاح ملهى فريد الأطرش بحضور شخصيات بارزة مثل سميرة خاشقجي.

لكن هذا النجاح لم يأتِ دون تحديات. واجه فريد هجمات من الحاقدين الذين اتهموه بأنه تحول من موسيقار كبير إلى صاحب كاباريه، وهو ما أثار حزن فريد وحزّ في نفسه. دافع عن نفسه في مقابلة تلفزيونية في بيروت، قائلًا إنه لا عيب في أن يمارس الفنان عملًا تجاريًا لكسب عيشه، خاصة إذا كان يقدم فنًا راقيًا.

“لازم الجماعة تهربوا من إطلاق اسمي على مسرح لأن عندي كاباريه، لكن الكاباريه بنيته بعرق جبيني!” – فريد الأطرش

أسرار ملهى فريد الأطرش: تحديات الإدارة

الإرهاق النفسي والجسدي

كان فريد يعيش الملهى بكل تفاصيله، حيث كان يصر على متابعة كل شيء بنفسه، من جودة الخدمة إلى رضا الزبائن. كان يسهر كل ليلة لضمان نجاح العروض، يتنقل بين الطاولات، يجامل الزبائن، ويتعامل مع طلباتهم مثل تناول كأس هنا أو طبق هناك. هذا الإرهاق أثر عليه بشدة، خاصة أنه كان يصاب بالعصبية كلما لمس تقصيرًا في الخدمة. كان يتصل يوميًا بالملهى بعد استيقاظه في الثامنة مساءً للاطمئنان على إيرادات الليلة السابقة.

حادثة السيدة المصرية

في إحدى الليالي، طلب من فريد جرسون أن يجلس لبضع دقائق مع سيدة مصرية طلبت ذلك، لكنه نسي بسبب انشغاله. عندما همَّ بالخروج في الثالثة صباحًا، فوجئ بالسيدة تصرخ: “فريد.. إنت ما جيتش ليه عندي؟”. رد فريد بعصبية: “احترمي نفسك يا مدام، إزاي تكلميني بالطريقة دي؟”. ردت بكلمات لاذعة، ورفعت يدها وكأنها ستضربه بحقيبتها، فكاد فريد يهجم عليها. تدخل الحاضرون لتهدئة الموقف، لكن السيدة ذهبت إلى قسم الشرطة، وقدمت تقريرًا طبيًا، ورفعت شكوى. انتهت القضية بتدخل أشخاص لإقناعها بالتنازل مقابل اعتذار من فريد.

الخلاف مع نجوى فؤاد

وعدت الراقصة الشهيرة نجوى فؤاد فريد بالرقص بأجر مخفض، لكنها لم تفِ بوعدها بسبب ارتباطها بعقد مع فندق الشيراتون في القاهرة. أصر فريد على تنفيذ وعد نجوى، مما تسبب في توتر علاقتهما. عرضت نجوى الرقص مجانًا لثلاثة أيام، ثم لأسبوعين في حالات طارئة، لكن هذا الخلاف زاد من ضغوط فريد.

دوريات الشرطة ونادي القمار

واجه فريد تحديًا مع دوريات الشرطة التي كانت تقتحم الملهى للتأكد من عدم وجود ألعاب قمار ممنوعة في النادي الملحق. كان يضطر إلى مسايرة الدوريات والتأكيد على نظافة ملهاه. في النهاية، أغلق نادي الألعاب لتجنب المشاكل، وهو قرار أثر عليه نفسيًا وماليًا.

إدارة التفاصيل الصغيرة

كان فريد يحشر نفسه في كل صغيرة وكبيرة، من متابعة عدد الطاولات المحجوزة إلى حل الخلافات بين الراقصات والعازفين. كان يتدخل كـ”قاضي صلح” بين راقصة وزوجها، أو يهدئ عازفًا “ينرفز” من موقف معين.

شعور فريد بالظلم: تكريم الفنانين

اتصل فريد بسربيه ظهرًا، وسأله: “إنت موجود في المكتب؟”، ثم جاء لمناقشة موضوع هام. أخبر سربيه أنه قرأ في مجلة مصرية أن وزارة الثقافة المصرية أطلقت أسماء فنانين مثل أم كلثوم وعبد الوهاب على مسارح القاهرة، لكنه لم يجد اسمه. سأل بحزن: “أنا مش فنان خالد ومشهور؟ المش الحاني سُمعت في أوروبا؟”. رد المسؤولون أن وجود ملهى باسمه قد يؤثر على صورته. أخفى سربيه هذا الرد، لكن فريد أدرك الحقيقة وقال: “لازم الجماعة تهربوا من إطلاق اسمي على مسرح لأن عندي كاباريه، لكن الكاباريه بنيته بعرق جبيني!”.

الإرث الفني لفريد الأطرش

رغم التحديات، ظل فريد رمزًا للفن العربي. ملهاه كان محاولة لتجسيد إبداعه، وحقق نجاحًا ماديًا جعله سعيدًا. لكنه عانى من صعوبة التوفيق بين دوره كفنان حساس وصاحب مشروع تجاري.

الخاتمة: فريد الأطرش، الإنسان والفنان

ملهى فريد الأطرش كان حلمًا فنيًا كشف عن شغفه وصراعاته. من حادثة السيدة المصرية إلى الخلاف مع نجوى فؤاد، ومن هجمات الحاقدين إلى شعوره بالظلم، تُظهر هذه القصص إنسانًا عاش لفنه. إرث فريد يظل شاهدًا على عبقريته.

شاركنا ذكرياتك!

هل لديك قصة عن فريد الأطرش أو ذكرى من أيامه الذهبية؟

أرسل قصتك الآن

أو شاركها على وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام وسم #فريد_الأطرش!




اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى