اخبار الفنكتب جمال فيَاض

“أمسية حنين النغمات” مع كورال المشرق العربي: احترافٌ وهواية تلامس الروح

كتب جمال فياض

على مسرح “أبو خاطر”، وفي حضور جمهور غفير امتلأت به القاعة، أقيمت حفلة فريدة لفريق كورال المشرق العربي بقيادة المايسترو والفنان إبراهيم بمباشي، الذي نجح خلال سنوات قليلة في تأسيس كورال يُعد اليوم من أرقى التجارب الجماعية في الأداء الغنائي العربي.
الحفلة التي حملت عنوان “أمسية حنين النغمات” لم تكن مجرد عرض فني، بل كانت لحظة تواصل إنساني عميق بين الموسيقى والوجدان، بين الحنين والأصالة، بين الأصوات الشابة ومخزوننا العاطفي والثقافي.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحًا أن الجمهور على موعد مع تجربة فنية مختلفة. فهؤلاء الشباب، الذين تنوّعت خلفياتهم العلمية والمهنية، اختاروا أن يكون الغناء بالنسبة لهم أكثر من هواية، وأقل من احتراف تقني جاف. هم أصحاب شهادات علمية عليا، أطباء مهندسون وطلاب جامعات، ومؤهلات علمية عالية، لكنهم حين يقفون على المسرح، يتحولون إلى سفراء للحرفية الموسيقية، يتقنون الأداء وكأنهم يمارسونه منذ الطفولة، بحبّ نقي، واندفاع صادق، واحترام بالغ لفنّهم وجمهورهم.

تنوع البرنامج بين الأغنية الدينية المرهفة والأنشودة الوطنية الملهمة، وبين مقطوعات تراثية أعيد تقديمها بأسلوب كورالي ساحر، ورافق الأداء توزيع موسيقي مدروس منح كل قطعة طابعها الخاص وروحها المستقلة.
ولعلّ اللافت في هذا الحفل، بالإضافة إلى الانسجام الصوتي والبراعة في الأداء، هو التزام الفريق بتمرير الرسائل النبيلة دون مباشرة، فالأغنيات اختيرت بعناية لتعكس قضايا الناس وأحلامهم، وتخاطب وجدان الجمهور بعيدًا عن أي استعراض.
والميزة الأجمل كانت فقرة الأفراح وزفة العرسان التي جاءت بأجمل شكل مناسب لإحياء فرح راقٍ .
المايسترو إبراهيم بمباشي أثبت مرة جديدة قدرته على صقل المواهب وتقديم عمل جماعي لا يقل في جودته عن تجارب الفرق العالمية. يدير الأصوات كما يدير قائد الأوركسترا آلته، بتوازن، ودفء، واحتراف.

وقد قابل الجمهور كل مقطوعة بالتصفيق الحار، تعبيرًا عن إعجابٍ حقيقي لا مجاملة فيه، وخصوصًا في المقاطع التي احتاجت إلى تقنيات صوتية عالية وانضباط جماعي صارم، ما عكس الجهد المبذول في التدريب والتحضير.

باختصار، كانت “أمسية حنين النغمات” عرضًا للذوق والاحتراف والالتزام، وأثبتت أن الفن الراقي لا يحتاج إلى نجوم منفردين بل إلى روح جماعية تؤمن بما تقدّمه.
كورال المشرق العربي، بهذا الأداء النقي، فرض نفسه كحالة ثقافية تستحق الدعم والاحتفاء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى