الجردي وتميم ويمين… وفرقة من المواهب و”شغلة فكر”

كتب جمال فياض
دعانا الصديق الناشط دائمًا في السينما والمسرح، إيزاك فهد، لحضور عرض مسرحي من بطولة طلال الجردي… “تعال شاهد هذا العمل المميّز”، قالها ومضى…
كان يكفي أن تشاهد الأفيش، وعليه أسماء الثلاثي المسرحي اللامع: طلال الجردي، وطارق تميم، وغبريال يمين، لتستعدّ فورًا وتتهيّأ لحضور عرض لا بدّ أن فيه الكثير…
أول المشاهد التي تُفرح القلب، هذا الحشد في يوم العرض الأول… الجميع لبّى الدعوة، والفرحة أن تجد زحمة على باب مسرح في بيروت… إنها البهجة بأن بيروت وثقافتها بخير!
هذه نقطة أولى، وما أحملُها إلا كنقطة انطلاق.
ثم ندخل، بعد لقاء الأحبّة والزملاء والسلامات والتحيات، ليبدأ العرض متأخّرًا عن الموعد المحدد بنصف ساعة، وهذه نقطة غير مستحبّة!
يبدأ العرض، طلال الجردي يُمسكنا بهدوء ولطف شديدين، فيحملنا إلى حيث سنبدأ برؤية جيل من الممثلين الشباب، فيهم ما فيهم من المواهب… في مكان تجدهم كما المحترفين، وفي مكان آخر ستجد فيهم بعض الانفعال الزائد، ربما هي قبضة الحماس لإعلان الدخول إلى مسرحهم في خطواتهم الأولى. وهذا لا يمنع أنهم يُبشّروننا بمستقبلهم الجميل، وكأنها “شغلة فكر”.
طلال الجردي بدا وكأنه الراعي الصالح في الحقل، بينما في الخلف والكواليس يرعاهم أيضًا، وأساسًا، الكبير غبريال يمين. هذا الأستاذ، الذي بزُهد كبير يقدّم الكثير، ويقدّر الجميع.
وفي عزّ الكلام، يسكت الكلام، ليطلّ طارق تميم، وكأني به صار يستحق، بل استحقّ منذ زمن، أن نقول عنه “الفنان القدير”. طارق تميم يقف مع هذه المجموعة من الشبّان والشابات، داعمًا ومساندًا وأستاذًا بكثير من الحب.
فصول لمواضيع مختلفة، لا يهم فعلاً مضمونها، بقدر ما تُبهجنا مشاهدة كاراكتيرات مميزة وشخصيات متفاعلة. هي قصص قصيرة، بل مشاهد نقدية نفسية و”حواديت” يوميات اجتماعية، من الذي يثير الفضول غالبًا… ومن فئة “صارت معي”…
يُشعرك هؤلاء الأساتذة، من ذوي الخبرة والتاريخ الحافل، أنهم سخّروا كل ما بوسعهم لهذه المجموعة من الجُدد.
يُشعرك هؤلاء أنهم الأهل، الذين ضحّوا بما استطاعوا من التضحيات، وتخلّوا عمّا ملكت أيمانهم من شهرة وزمام الوقوف على خشبة المسرح، ليتركوا لبراعمهم أن يُبدعوا وينجحوا.
لم يمنحنا المنظمون فرصة التعرّف إلى أسماء نجوم هذه الفرقة من الكوماندوس المسرحي الشاب، لكننا حفظناهم، وعرفناهم، ولن ننساهم.
فكلّهم مشاريع نجوم وممثلين محترفين. وكلّهم بدت عليهم ملامح الشغف المسرحي.
لم يذكر لنا غبريال يمين أنه اقتبس قصة “الخادمة المغفّلة” عن أنطون تشيخوف، ولم نقرأ الكتيب الذي من المفروض توزيعه على الجمهور ليعرف من وماذا يشاهد…
عموماً، النص وإن لم يكن متينًا في كل الفصول، إلا أنه كان ممتعًا في الغالب، وحضور طلال الجردي كان أساسيًا ليمسك ويربط كل الحبال والخيوط.
وإذا كان دور طارق تميم مختصرًا نسبيًا، إلا أنه كان قويًا بما يكفي ليثبت أنه قيمة مضافة لأي عمل يشارك فيه.
يبقى أن أُنوّه بالممثل الذي “عطس على رقبة الوزير”، والذي احترف الغرق من أجل المال، والوزير نفسه، وزوجته، و”المتقدمة للعمل كممثلة”، و”عميلة المصرف المجنونة”، و”بائعة الهوى”… كل هذه المواهب، سيأتي يوم ونعرف جيّدًا أسماءهم…
“شغلة فكر” هي فرصة دعمها وحققها المنتج أنور علم الدين، لهذه المواهب، وبرعاية من الأساتذة الثلاثة الكبار…
محظوظون هؤلاء الشبّان والشابات، بهذا المنتج المغامر، وهؤلاء الأساتذة ذوي الخبرة.
⸻