اخبار الفن

السلطان …

كتب جمال فياض

كانت مجرّد مجاملة، يوم أطلق الأستاذ الراحل جورج ابراهيم الخوري لقب سلطان الطرب على الفنان المطرب الشاب جورج وسوف. فهو سبق وسمّاه “مايكل جاكسون العرب” عندما التقط بعض الصور لغلاف مجاة “الشبكة” بملابس جلدية ، تشبه ملابس مغنّي البوب العالمي مايكل جاكسون، مع تسريحة شعر “منكوش” مثله، على جسم نحيل … لكن اللقب لم يدم طويلاً، لأن جورج وسّوف أطلق ألبومه الشهير جداً والذي اجتاح الوسط الفني في العالم العربي كما الإعصار “الهوى سلطان” ، الذي حمل إسم الأغنية التي لحنها له موسيقار الجنون الغنائي جورج يزبك. جورج يزبك لحن بعبقريته أغنية ناجحة، وجورج وسّوف غنّاها، وجورج ابراهيم الخوري تلقّف النجاح الكبير، وخلع على المطرب الشاب لقباً جديداً ، صار تاريخياً…
سلطان الطرب، وصار اللقب ملازماً لحامله، فعاشه والتصق به، وأكمل مشواره مع النجاح وفي يده سيف السلطنة الطويل.
مرّت على سلطان الطرب سنوات من التجارب العِجاف التي لا يتصوّرها عقل ولا تخطر على بال، ودخل حياته إنتهازيون أخذوا وأخذوا وما أعطوه شيئاً … كما عاش نجاحات ما نالها أحد مثله. عاش سلطان النجوم حياته بالطول والعرض.
من الذي نصّبه سلطاناً على غيره من المطربين؟ لا نعرف! نعرف أنه نال لقباً أسوة بزملائه، من صحفي كبير مخضرم، لكن أن يصبح اللقب الإفتراضي حقيقة وواقعاً؟ تلك هي المعجزة والتعجيز.
كان الفنانون من زملاء الكار، ينافسوه، لكن عندما دعاهم أحد البرامج لتكريمه سلطاناً في “ليل العاشقين”، جاؤوا إليه بكل طيبة خاطر فما اعترضوا ولا أصابتهم الغيرة. هكذا… ربما هي الكاريزما الطاغية ؟ هو الكاراكتير الصِدامي ؟ مغلّفاً بقلب أبيض كما الثلج؟ لا أعرف ولا أحد يعرف، فقط نعرف أن جورج وسوف شخصية متفرّدة تسيطر وتطغى وتتحكّم في كل مكان يتواجد فيه، أو مجلس يحضره.
غاب السلطان سنوات بداعي المرض، فقد أرهق السلطان جسده النحيل حتى خانه. وتحقق فيه قول المتنبّي “إذا كانت النفوسُ كباراً، تعبت في مُرادها الأجسام” تعب الجسم، وأُنهك لكثرة ما أراد صاحبه وطلب.
غاب السلطان طويلاً، ولما عاد، كان عرش السلطنة محجوزاً له، فما اقترب منه أحد في غيابه، ولا طمع به أحد. وعندما عاد صاحبه جلس عليه، وبايعه من جديد كل من له في الغناء نصيب … سلطاناً للطرب!
أي سرّ فيه؟ إني لست أدري!
لكني أدري وأعرف، أن الغناء في هذا الزمن بدون جورج وسّوف ينقص مقاماً، وتنقص النوتات نوتة، وتنقص السهرات سلطنة، وتنقص الحياة حبّاً …
وكان طبيعياً ومنطقياً وضرورياً أن يكون في كل سهرة وكل مهرجان وكل مناسبة كبيرة ، مكاناً محجوزاً له، يأتي اليه المطربون بكل رضى وقناعة، يسلّموا عليه، ويقبّلوا جبينه ويبصموا من جديد على صكّ مبايعته، جورج وسوف سلطاناً للطرب، لا قبله سلطان، ولا بعده سلطان. يكفي أن يكون في حفل، ولو للحظة، حتى يبارك المكان ويترك فيه عطراً وجمالاً وطيبة ومحبة وطربا …
عشت ودمت وحكمت وتحكّمت “أبو وديع” ، ومن ذا الذي يطلب للطرب سلطاناً وأنت موجود في حياتنا؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى