رأيكتب جمال فيَاض

بانتظار ماجدة الرومي … ولكن إلى متى؟

كتب جمال فياض :

أعرف الكثير من خصوصيات السيدة ماجده الرومي، هذه الإنسانة التي نادراً ما تطلّ على الناس والمحبين، لكنها كلما أطلّت أشرقت بالحب والسلام والطمأنينة والتفاؤل. لا تهوى ماجدة الرومي الكلام الكثير، ولا ترغب بأن تحتل الشاشات. وهي لو أرادت لفعلت. فالصحافة لا تكلّ ولا تملّ من السؤال عنها، وتطلب لقاءها. ويعرف عنها الصحفيون الكثير. لكن ما يعرفونه هي سيرتها الفنّية. أما الذين يعرفون ماجدة الإنسانة، فهم قلّة قليلة ونادرة. لا هي ترغب بهذا، ولا الصحفيون إستطاعوا أن يتجاوزوا الحاجز النفسي، الذي وضعته بين الإعلام وحياتها الخاصة. لكن في حياة ماجدة أسرارها الجميلة، والإنسانية الطريفة. ماجدة الرومي تسافر أحياناً فتختفي عن الأنظار لأيام وأسابيع، لتقيم في قرية بعيدة نائية، ليس فيها إلا الطبيعة والشجر والمناظر الهادئة. فتنعزل عن الناس حتى أقرب المقرّبين منها. وهي تختار غالباً فصل الشتاء والثلوج، فتذهب لتستمتع ببياض الثلج في أماكن لا يوجد فيها سوى الجبال المغطّاة بالثلوج. وماجدة تقضي ساعات وساعات في الصلاة والرجاء والدعاء ليحلّ السلام على العالم وعلى لبنان. ماجدة تنام باكراً جداً، وليست من أصدقاء الليل. أما الطرفة الكبرى، فهي عندما تطلّ ماجدة من شرفتها، أو من شباك سيارتها، وتشاهد أحداً لا تبدو عليه علامات اليسر. مثل أن تشاهد إمرأة تمرّ في الشارع وتبدو عليها علامات الحزن أو الحاجة، أو أن تشاهد رجلاً طاعناً في السن يقف في زاوية شارع، وعليه علامات الحاجة أو الفقر. ستصاب ماجدة بحالة ارتباك، فتتصل فوراً بمساعدتها التي ترافقها، أو بمدير مكتبها القريب من منزلها، لتستعجله أن يبحث عن الذين رأتهم، وتطلب منه أن يأخذ مبلغاً من المال فوراً، ليعطيهم إياه، دون أن يخبرهم من المرسل أو المانح. “قل لهم فقط، الله العاطي”. ماجده الرومي تتبرّع لعائلات محتاجة في بلدتها كفرشيما، ودون أن يعرف أحد منهم، من أين تأتيهم هذه المساعدات والتبرعات. ماجده تقدّم منحاً دراسية لعدد من طلاب الجامعة في مصر، ولا تخبر أحداً، حتى الطلاب لا يعرفون أنها هي من تساهم بدفع بعض أقساطهم الجامعية، عن طريق صديق مصري ذو علاقات رفيعة، يعمل في حقل الإعلام. هكذا هي ماجدة الرومي، وهكذا هي شخصيتها. رقيقة، وعذبة ودافئة، لا تحمل ضغينة لأحد، وليس في نفسها ذرّة بخل. وأحيانا تسترسل في السخاء، حتى يضطر المساعدون الى التحايل عليها لتخفيف هذه الحالة المبالغ فيها من الكرم الزائد. لكن نادراً ما يفلحون. فهي تراقب المهمة وتنفيذها من بعيد حتى تتأكّد أن الأمر قد نُفّذ فوراً وكما يجب.
ماذا بعد هذا الشرح الذي بالتأكيد لن يعجبها ولن يرضيها؟ الآن سأكون مرتاحاً لأني كشفت سرّاً أظن أنه يجب أن يعرفه الناس. لكن لماذا؟
لماذا أكشف هذا السرّ؟ وما الغاية؟
الغاية أن أطالب السيدة ماجدة الرومي أن تفكّر جدّياً بتأسيس، أو تفعيل مؤسستها الخيرية “مؤسسة ماجدة الرومي الخيرية”. فهي التي نالت ما نالته من حبّ الناس، وهي التي لها ما لها في قلوب كل من عرفوها، لماذا لا تخطط وبسرعة لتقديم يد العون وهي قادرة على هذا، لمن يحتاجها من الأطفال المرضى واليتامى والعجزة؟ متى ستبدأ ماجدة الرومي تخرج نواياها الخيرية الى العلن؟ متى سيكون لمؤسستها مستشفى لعلاج الأطفال المحتاجين؟ أو دار أيتام؟ أو معاهد فنّية لمحو الأمية وتعليم المهن الصغيرة، لتأمين مدخول لأمهات أرامل؟ من كل المناطق اللبنانية، وهي التي لم تميّز يوماً بين لبناني ولبناني، وبين عربي وعربي؟
أعرف أن أثرياء كثر لبنانيون وعرب، من المسؤولين ومن ذوي السلطة والمال، عرضوا عليها أن تأخذ مبالغ كبيرة من المال تقدمها لمن تشاء ومن تجده بحاجة، وهي تعفّفت عن القبول وكأنها هبة لها شخصياً. وهي تجيب دائماً، هذه ليست غايتي، أنا أفعل ما أستطيعه بنفسي.
أما آن الأوان للماجدة التي نحلف بحياتها إذا أشرنا الى الصدق والعمل الإنساني، أن تبدأ بتأسيس هذا المشروع، الذي ستجد مئات الأثرياء من معجبيها ومحبيها على استعداد للمساهمة فوراً بملء صندوق وخزينة هذه المؤسسة بالأموال، وهم على ثقة أنها لا بد ستصل الى مستحقيها؟
فلتفكّر السيدة الكبيرة بهذا الأمر جيداً، ولتفكر كم من الأطفال المرضى والأيتام والمحتاجين سيجدون فيها ملاذاً وأماناً؟
هيا سيدتي، قومي الى الفقراء وقولي لهم أنا معكم. ونحن نعرف أنك لا نية عندك لتأسيس حزب أو الترشح لمنصب أو تولّي مسؤولية رسمية. هو عمل خيري كبير، وأنتِ لها كما كنتِ دائماً. يكفي أن تتخذي القرار، لتبني داراً للعجزة والأيتام ومطاعم للفقراء، مستشفى للأطفال ومرضى السرطان. والخير كثير، فقط أطلبيه وستكون يدك مسحة الخير على هذه الوجوه المتعبة، تماماً كما هو صوتك على الأرواح القلقة، صوت طمأنينة وصرخة سلام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى