بين أصالة ومايا وعمرو دياب! زملائي الأعزاء… عذرًا منكم، ما هذا الهراء؟

كتب جمال فياض
نحن نعيش أسوأ عصر من عصور الصحافة الفنية… نحن نعيش في زمن الصغار والصغائر بعد زمن الكبار والأساتذة والنقّاد…
في زمن ما، كنا نقرأ بشغف كبير، وشوق ولهفة، ماذا كتب سعيد فريحة في الفن وجعبته في مجلة “الصياد”، وجورج إبراهيم الخوري في النقد، وورده وشوكه في مجلة “الشبكة”، ومحمد بديع سربيه و”شارع الضباب” في مجلة “الموعد”، ومرعي عبد الله (أطال الله عمره) و”نقاطه على الحروف” في مجلة “ألوان”…
هذه الأسماء التي كانت منارة لنا نحن جيل الشباب، نتتلمذ عليها وننهل من أسلوبها الراقي في الكتابة والنقد والسرد الخبري الرشيق…
نحن اليوم نعيش أسوأ زمن يمكن للصحافة الفنية أن تشهده.
ففي الزمن الجميل، كانت هناك أسماء كثيرة تعتمد الفضيحة، لكنها كانت على الهامش وخارج الموضوع. لها جمهورها البسيط، لكنه جمهور الفضول، الذي كان يقرأ ويسخر، ويعود للصحافة الراقية ويحترم أقلامها.
ما الذي يحصل اليوم؟ لماذا انخفض، بل هبط المستوى إلى الحضيض؟
لماذا صار أغلب الصحفيين مجرد نمّامين يغتنمون فرصة اللقاء بالفنان لإحراجه بأسئلة سطحية، تؤكد عجز من يطرحها عن الارتفاع بمستوى قلمه ومايكروفونه؟
أمس، قررت الفنانة أصالة أن تلتقي الصحافة الفنية في جرش – الأردن، وهي أحيت حفلاً لا يمكن اعتباره أقل من حدث فني كبير، ولا يمكن تقييمه إلا بأنه حفل من نوادر النجاحات الكبرى في مهرجانات العالم العربي.
فقد حضر جمهور بالآلاف ليحتفل بسيدة الغناء العربي حاليًا، والتي لا يمكن إلا أن نعترف لها بأنها الأولى حيث تكون وحيث تحضر.
أصالة التي غنت أجمل الغناء، وحضرت بأروع حضور ، وهي التي كيفما نظرنا إليها سنجدها في المقدّمة وحدها بين مطرباتنا. وهي التي، في كل مدينة وكل بلدة وكل قرية، يكفي أن نقول إنها آتية، لتكون المقاعد محجوزة بلا لبس ولا شك ولا تردّد . وهو ما حصل أمس في جرش، وما هو حاصل في بيروت في حفلة الأسبوع القادم …
قررت السيدة الأولى أن تلتقي بالصحافة، وتجعل اللقاء بسيطًا وعفويًا مثل حياتها وسلوكها العائلي.
فاجتمع المحبون وتحلّقوا حولها.
وبدل أن يسألوها عن أغانيها وألحانها وكلمات الأغاني والتوزيع، واختياراتها الفنية، بدأ بعضهم بالبحث عن موضوع هو أقرب للنميمة منه للصحافة الفنية.
وكيف تعرف عجز الصحفي وضعفه مهنيًا؟ تعرفه عندما يسأل نجمة بحجم أصالة عن غيرها من الزملاء الفنانين، وعن الآخرين… لا عنها!
سؤال: ما هو رأيك بألبوم مايا دياب؟ وما هو رأيك بعمرو دياب؟
تمامًا مثل ذاك المذيع الذي لم يجد ما يطرحه على زياد الرحباني عندما حصل على فرصة حوار معه، فراح يسأله عن ماجدة الرومي، وعن أصالة، وعن خلافاته مع والده ووالدته…
ما هذا الهراء؟ عذرًا منكم جميعًا، لكن ما هذا الهراء؟ ما هذا السخف؟ ما هذا الضعف؟
ألا يمكن للصحفي أن يرتقي قليلًا بأسئلته للفنانين الكبار؟
هل يجوز أن يأتي المراسل وليس في جعبته ما يستحق السؤال عنه؟
سألوها، فقالت: “لم يساعدني الحظ لأسمع الألبوم”، وعن عمرو دياب قالت إنه ممتاز… ثم تابعت معترضة على نوعية هذه الأسئلة التي من المفروض أن تكون عنها لا عن غيرها…
وبعملية مونتاج خبيثة، تمّ التحويل ليصبح الكلام تصويبًا على الفنانة مايا دياب…
وطبعًا لن تكتمل الرواية، إلا باستصراح مايا دياب، على طريقة فيصل القاسم المضحكة: “عم يسبّلك، بشو بدك تردّ عليه؟”،
فكان أن انزلقت مايا دياب ووجّهت إلى أصالة سهمًا، في رأسه شيء من السُمّ…
ففرح النمّامون، ووجدوها فرصة لإشعال فتيل المعركة…
وإذا كانت أصالة قد تلقّت كلمات زياد الرحباني عنها في المقابلة التي تحدثنا عنها أعلاه، وخرجت منها بتعليق كله ذكاء وحنكة وشطارة،
فهي في جرش، تلقّت السؤال السخيف، ومرّ عليها واستدرجها إلى ممازحة مثل “الفخ” الخبيث،
بالمقابل، تمّ استدراج مايا إلى نفس “الفخ”…
وهكذا، بدأت معركة سيفرح بها من لا يفقه من الصحافة سوى فصل “السخافة”…
بعض الدخلاء على مهنتنا النبيلة، بهدلونا وسخّفونا وشرشحونا… وجعلونا زملاء لهم، ونحن والصحافة براء منهم…
لن نطالب هؤلاء بتثقيف أنفسهم وعقولهم، لأنه مطلب صعب ورجاء مستحيل،
وسنكتفي بالطلب من نجومنا الكبار عدم الانجرار بسهولة خلف مثل هذه الأفخاخ السخيفة…
لعله أمر ممكن!