اخبار الفنمنوّعات

جمال فياض: ماتبقى من الصحافة الفنية هو الصحافة النقدية

أضواء المدينة:

تأثرت الصحافة الفنية في الوطن العربي بظهور المواقع الالكترونية. ثم بظهور وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتوتير وانستغرام ويوتيوب وسناب شات وغيرها من المنصات الرقمية، والتي يزداد استخدامها لنشر ومتابعة الأخبار والمعلومات الفنية يوماً بعد يوم.

وعلى الرغم من توجه الفنانين والنجوم والمشاهير العرب أكثر فأكثر اليها، تتعرض العديد من المواقع الالكترونية الفنية في الوطن العربي وصفحات التواصل الاجتماعي لانتقادات عدة، ومن أبرزها: ضعف المحتوى، وركاكة اللغة، وانعدام المهنية والاحترافية، وثقافة النقد الفني لدى العاملين فيها، وقلة المصداقية وغيرها..

وتطرح أسئلة عدة حول واقع ومستقبل الصحافة الفنية العربية في عصر الانترنيت والسوشل ميديا، خصوصا بعدما تخلى عدد من المشاهير والنجوم عن الصحافة الورقية وفير الورقية، واكتفوا بمنابرهم الاعلامية الخاصة مثل المواقع الالكتروني الخاص بهم وحساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى انهم قللوا من استعانتهم بوسائل الاعلام الاخرى كالاذاعة والتلفزيون.
هذه الاسئلة وغيرها كانت موضوع حوارنا مع الدكتور “جمال فياض” الصحافي والاعلامي والناقد الفني اللبناني.

ما هو واقع الصحافة الفنية العربية بعد انتشار المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي الفنية في الوطن العربي؟

منذ سنوات يجري الحديث عن الانحسار الذي تعانيه الصحافة الورقية المطبوعة، بسبب غلاء سعر الورق، وتكلفة الطباعة، بعدما عانت المنافسة الشرسة للبرامج الفنية الاذاعية، ومن بعدها البرامج الفنية التلفزيونية التي احتلت الصدارة، منتزعاً من الصحافة الورقية شعبيتها. ثم جاءت شبكة الانترنيتومنصات التواصل الاجتماعي، وصار كل فنان له محطة بث خاصة به، يبث عليها مايريده، وساعة مايريد. ولم يعد الفنان بحاجة الا لشبكة انترنيت وجهاز كمبيوتر ينقل مايريده بأي لغة، وبأي اسلوب تعبير.

ويمكنني القول: إن المطبوعات الفنية سقطت بالضربة القاضية، جراء ما نعيشه من تطور تقني ملحوظ. ولا يغرّنكم المتبقي منها على قيد الحياة، لأن هناك من يمولها ويصرف عليها لتصارع الموت لوقت أطول، وصارت بعض المطبوعات وللأسف بضعة أسماء تكتب وتنشر فيها بأبخس الأثمان.

_ كيف تجد مستقبل الصحافة الفنية العربية؟ وهل تخلى الفنانون عنها؟

لكل زمن أدواته، وما حصل اليوم هو تبدّل أدوات الصحافة الفنية، من صحافة ورقية إلى مواقع إلكترونيّة. كان الصحفي يكتب مقالاً من ألفي كلمة، اليوم لا يتعدّى المقال الـ600 كلمة، لأنّ القارىء لم يعد يملك الجلد لقراءة مقالات طويلة.
وبالمقابل، فإن الفنان لا يستطيع أن يستغني عن الصحافة، وأن يكتفي بمنابره على منصات التواصل الاجتماعي فحسب، والفنانون لا يزالون يتّصلون بالصحافي ليطلبوا منه أن يدلي برأيه بأعمالهم الفنية.

وإن كانت الصحافة الفنية الخبريّة انحسر دورها لأنّ الفنان بات يعلن عن أخباره بنفسه، ولكن بالمقابل ثمّة فنانين ابتعدوا عن منصات التواصل الاجتماعي، ولا يزالون يعتمدون سياسة تسريب أخبارهم لصحافيين، وغالباً يختارون إسماً بعينه لتسريب الخبر.

وما تبقّى من الصحافة الفنية هو الصحافة النقدية، فالقارىء لا يزال يهتم بقراءة المقالات النقديّة التي تتناول الأعمال الفنيّة بطريقة محترفة.

دور الصحافة الفنيّة لم ينتهِ، والحسابات النقدية على مواقع التواصل الاجتماعي التي تحظى بالكثير من المتابعين ويديرها أشخاص لا علاقة لهم بالصحافة، هي نوع من الترفيه الذي لا يلغي دور الصّحافة الفنية الجادة.

_ هل يجب أن تكون إطلالة الصحافي الفني مثالية لإرضاء الجمهور؟

يتوجب على الصحافي الفني أن يتحلى بالثقافة الشاملة ليستطيع تقديم النقد البناء، وإعطاء رأيه بمهارة مرتفعة. كما يجب التحلي بالتواضع والسرية لضمان ثقة الناس، وبالتالي ليسمى صحفياً فنياً حقاً. فهذه النخبة المثقفة تصنع قادة الرأي التي تؤثر على أفراد المجتمع، والتي يمنحونها الثقة. فعند اعتراضك على برنامج هابط يمتنعون عن المشاهدة عنه، والعكس صحيح. وهذا ما يرفع المستوى الفني في البلد. حيث أصبحت أغلبية البرامج التلفزيونية الفنية للأسف تهدف إلى الربح، وأصبحت تجارية بدلاً من أن تكون منفعة للجمهور.

_ يطال الناقد الفني الفنانين واعمالهم الفنية وأمورهم الشخصية، لكن من هو ناقد الناقد؟

لا أخفيك أنني كسرت هذه القاعدة لمرّة من نفسي، حيث أنتقدتها عندما شاركت ذات مرة بإحدى البرامج الفنية، الى جانب مجموعة من الفنانين. وقتها لم يقنعني ولم يغرّني، ما فعلته بعد مشاهدته للحلقة. ففي هذه الحلقة تكلّمت أكثر من غيري. وربّما حذف المونتاج بعض ما قاله الباقون، وأبقى على حديثي أكثر قليلاً. قد يكون هذا أمراً طبيعياً، فأنا جئت لأتكلم وليس لأغني. لأغني؟ طبعاً ليس لأغني. ولكن جمال فيّاض –أي أنا- غنّى. وإسترسل. وربما الحاضرون جاملوه قليلاً، فهو نسي نفسه، وراح يشترك في أغلب الغناء. هو صحيح يحب الغناء والموسيقى وله ذوق وهو أمر معروف عنه، لكن أن يصدّق نفسه ويزيدها في الغناء الى حدّ الإزعاج؟ فهذا ما لا نرتضيه له ولا لسمعته التي نعرفها عنه بأنه يجيد الكيل بالعدل والقسطاس.

_ ما النصائح التي تقدمها للصحفيين الجدد في الصحافة الفنية العربية؟

بعض الصحافيين الفنيين يلعبون دوراً أشبه ما يكون بدور جمهور الفنانين “الفانز”، لذا أحذر الصحفيين الجدد من هذا الدور، ومن أن يكون هدف من يرغب منهم باحتراف الصحافة الفنيّة مجرد نسج علاقات صداقة وصور سيلفي مع الفنانين، فدور الصحافة الفنية أكبر بكثير، ومهمّة الصحفي الفني أن يساءل الفنان متسلّحاً بثقافته ومعلوماته.

كما يتوجب على الصحفي الجديد الاطلاع على جميع المجالات السياسية والاجتماعية والفنية وغيرها، وعدم التوقف على منحى واحد، تبعاً لأهمية الثقافة العامة للصحافي، بالإضافة إلى التواضع والموضوعية والثقة والمصداقية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى