اسرار وكواليس

حكاية أم كلثوم وبليغ حمدي … من أولها

جاء تعاون بليغ حمدى مع أم كلثوم عن طريق المصادفة، حيث كان الفنان محمد فوزى من أعز أصدقاء بليغ، ولكنه قام بإنشاء شركة تسجيلات وأسطوانات وتعاقد حينها مع عدد من المطربين والمطربات لتسجيل إنتاجهم على أسطوانات وفى مقدمتهم السيدة أم كلثوم، ورغم الصداقة التى كانت تجمع فوزى ببليغ، إلا أنه لم يبلغه بالتعاقد مع أم كلثوم.
وقال بليغ عن لقائه بكوكب الشرق: كان صديقى الشاعر عبدالوهاب محمد يعمل مهندساً فى شركة «شل»، وأسمعنى كلمات أغنية ألفها هى «حب إيه اللى انت جاى تقول عليه» أعجبنى كلامها جداً، وفى الحال قمت بتلحين مطلعها، وأخذت أرد هذا الجزء فى المجالس التى تضمنى مع عدد من الزملاء الفنانين، وتصادف فى تلك الأيام أن جاءنى الصديق محمد فوزى ودعانى إلى سهرة فى بيت الدكتور زكى سويدان.. وقال لى إن السيدة أم كلثوم ستكون فى الحفلة.
وأضاف: بالطبع ذهبت إلى السهرة، وعرفت فيما بعد أن الحكاية كانت مهيأة سلفاً.. وأن السيدة أم كلثوم كانت قد سمعت بعض ألحانى التى وضعتها لعبدالحليم حافظ، وشادية وصباح ونجاة وفايزة أحمد.. وأرادت من باب الفضول التعرف علىّ، وهكذا تم ترتيب السهرة وضمت الحفلة أيضاً عازف الكمان أنور منسى، والمطرب عبدالغنى السيد والشاعر مأمون الشناوى ومحمد فوزى طبعاً.
وأذكر أن الكلفة ارتفعت بينى وبين المطربة العظيمة من أول لحظة، وأحسست وكأننى أعرفها من زمن بعيد، وطلب أحدالساهرين من أم كلثوم أن تسمعنا شيئاً.. فالتفتت إلى أنور منسى ودعته إلى العزف على كمانه.. ثم طلبت عوداً وأعطته لى وقالت: تفضل وأسمعنا شيئاً من ألحانك!!
وأسرع محمد فوزى بطلب منى أن أسمعهم مطلع أغنية «حب إيه»، وكان أنور منسى قد حفظ اللحن جيداً منى فى سهراتنا الخاصة، ولم أتردد.. غنيت.. واستعادت أم كلثوم اللحن مرة ومرتين.. وثلاثاً.. وطربت له، وسألتنى لماذا لم أكمل لحن الأغنية.. فأجبتها بأننى لم أجد سبباً للاستعجال.. وهنا قالت «أفوت عليها بكرة».
ذهبت إلى بيتها وليس فى ذهنى إلا تصور واحد، وهو أن سيدة الغناء العربى تريدنى أن أقوم بتلحين بعض الأغانى لابن شقيقها إبراهيم خالد، الذى كان يفكر فى احتراف الغناء آنذاك، وبالفعل أول ما وصلت إلى منزلها قابلتنى بالترحاب وتكلمنا بشأن إبراهيم خالد.. واتفقنا على أن أعمل له لحناً.. وبعد ذلك التفتت إلىّ قائلة:
– تعالى نتسلطن شوية!!
وأتت بالعود وأعطته لى وهى تقول:
– سمعنى لحن امبارح
وبعد أن أسمعتها مطلع أغنية «حب إيه» قالت:
– كلام مين ده؟
– شاعر صديقى يعمل بشركة «شل»..
– انت حافظ بقية الكلام؟
– لا! نكلم عبدالوهاب محمد.. ونهضت من مكانى وطلبت من عبدالوهاب فى التليفون وقلت له:
– ألو.. يا عبدالوهاب تعالى حالاً لبيت السيدة أم كلثوم..!!
– يا أخى بلاش هزار ع الصبح!!
أخذت السيدة أم كلثوم سماعة التليفون منى وقالت له:
– اسمع يا عبدالوهاب.. أنا أم كلثوم.. انت عندك سيارة؟ طب خد تاكسى وتعالى حالاً.
وبعدنصف ساعة كان عبدالوهاب محمد يقرأ لأم كلثوم بقية الكلام.. وكانت هى تصغى إليه بكل إعجاب.. وبعدها قالت:
– اسمع يا بليغ.. من غير زيطة ولا حد يعرف.. اشتغل فى الأغنية دى.. فقاطعتها متسائلاً:
– هو حضرتك حاتغنيها؟
– أيوة.. لكن ما تحملش همى.. اشتغل فى اللحن على راحتك..
ونزلنا من بيت أم كلثوم ونحن فى دهشة شديدة.. وقررنا أن ننهى العمل بأسرع ما يمكن، وهكذا انتهينا من الأغنية فى عشرة أيام فقط.

المصدر: الوفد)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى