اخبار الفنكتب جمال فيَاض

حكاية مياده الحناوي في مصر كما سمعتها …

كتب جمال فياض

كان يمكن لحكاية الفنانة الكبيرة مياده الحناوي وآخر الكبيرات من زمن الكبار أن تنتهي عند عودتها الى مصر منذ أعوام قليلة، بعد إبعاد طويل. لكن الزملاء في موقع ” أخبار للنشر” الذي يرأس تحريره الزميل طوني خليفه فتحوا الملفّ وفيه ما لا يطابق الحكاية التي سمعتها من مصدر معنيّ جدا بهذه القضيّة ، أو لنقل مصدرين معنيين وموثوقين … وسنشرح الأمر.

ذات يوم إتصلت السيده نهله القدسي زوجة الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب بالسيدة جيهان السادات زوجة الرئيس، وقالت لها بالحرف الواحد : ” يرضيكي أن هرم من إهرامات مصر يتهان ويتبهدل ؟ “. أجابتها سيّدة مصر الأولى : ” إيه الحكايه …؟ ” ، فأجابتها السيدة نهلة :” البنت الشاميه دي اللي إسمها مياده الحناوي، بتلعب بيه وبتضحك عليه وعايزاه يوقع بيها … وهو دلوقتي بيعمل لها أغنية … ” . دار الحوار بأكثر من هذا، وأقفلت السيده جيهان الهاتف لتتصل بوزير الداخليه آنذاك النبوي اسماعيل وتطلب منه ترحيل المطربه السوريه مياده الحنّاوي فورا ومنعها من دخول مصر … ” . وخلال دقائق كان رجال الأمن يقرعون باب بيت مياده الحناوي، ويأخذونها فورا بالملابس التي كانت عليها ، ولم يسمحوا لها بتغيير قميص النوم ومعطف المنزل ، أو حتى إنتعال حذاء … فورا الى المطار ، حتى ملابسها لم تأخذ منها أي شيء … والى الطائرة، بعد تحقيق بسيط معها … فدمشق. يومها إتصلت السيدة مياده الحناوي بصديقتها الفنانة الراحلة فايزه أحمد التي جاءت الى منزلها في ما بعد لتضع لها ملابسها وكل ما يخصّها ولترسلها لها في سورية. طبعا كل إتصالات مياده من المطار، بكل الأصدقاء باءت بالفشل … وتمّ ترحيلها وظلّت ممنوعة من دخول مصر الى ما بعد وفاة الموسيقار محمد عبد الوهاب بسنوات …. لكننا كلنا نعرف أن هروب الموسيقار الراحل بليغ حمدي من قضية تمّ تلفيقها له في مصر أيضا جعلت “الشامي يلتمّ على المصري”. وكانت النتيجة أجمل وأبدع ألحان وضعها بليغ لصوت مياده الحناوي . وجاء كلّ هذا بما يشبه التعويض على مياده بعدما طارت أغنية “في يوم وليله” منها. فالأغنية الشهيرة التي كان محمد عبد الوهاب ينوي أن يطلق مياده من خلالها في مصر لتصبح مطربته الجديدة وإكتشافه الكبير. والتي كانت مياده قد أجرت أكثر من ثلاثين بروفه لتغنيها في حفل كبير، تحوّلت بفعل المؤامرة الى صوت ورده الجزائريه.

ولكن هل كان محمد عبد الوهاب فعلا يحبّ مياده ؟ هذا ما يؤكّده لي المصدر الثاني والموثوق، وهو يقول أن محمد عبد الوهاب كان يقضي ساعات طويلة على الهاتف مع مياده ،وكان يتصل بها كل يوم من القاهره الى دمشق أو حلب ليكلّمها ويحدثها، ويقول المصدر أن محمد عبد الوهاب لم يكن يتوقف وهو يجلس مع مياده عن التغزّل بها وبجمالها وببشرتها البيضاء وجمال عينيها … بل كان يذهب بالتعبير عن مشاعره الى أبعد مما يمكن . وهذا ما أثار إنتباه زوجته وكل من حوله. فقد بدا أن القضية لم تعد مجرّد إعجاب بريء وغزل رجل كبير السنّ بحسناء من جيل حفيداته . من هنا وصلت الأمور الى كيد النساء. ولم تستطع مياده أن تحظى بلحن محمد عبد الوهاب الموعود. لكنها برأي أغلب النقاد والعارفين والفاهمين بالموسيقى والغناء، حظيت بما يمكن إعتباره أهمّ ما يمكن أن تحظى به مطربة في العصر الحديث بعد أم كلثوم . لقد لحّن بليغ حمدي أجمل أغاني مياده وأكثرها شيوعا وخلودا في الغناء العربي. وهي حصلت على ألحان من رياض السنباطي ومحمد الموجي ومحمد سلطان وسيّد مكاوي و صلاح الشرنوبي وفاروق سلامه، وهذه الاسماء هي أكبر الاسماء التي صنعت تاريخ الأغنية العربية والمصرية الحديث .

وما زالت مياده الحناوي تعيش في قلوب محبيها وأغانيها كافية لتجعلها إحدى الكبيرات وآخر مطربات جيل الكبيرات . وما زلت أنتظر بفارغ الصبر أغنيتها الجديدة من ألحان محمد سلطان ” رجعنا لبعضنا” ….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى