حين يصمت المعنيون.. يتكلّم وجع هاني صقر

حسن شرف الدين
في بلد تكثر فيه التصفيقات وتقلّ فيه الأفعال، يعيش على أوهام السلطة، وعند الجلوس على الكرسي اللعين، ينسى الوزير أو الرئيس أو الملك أنه مواطن، فاقدًا كرامته، وعزّته، وحتى احترامه لنفسه.
وللأسف، هذا الواقع الذي ينعكس بحذافيره على الواقع اللبناني، بكلّ من فيه ومن يديره، ومن يدير دَفّتيه.
فمع الشجع السياسي، الشجع الثقافي أصبح مؤلمًا أكثر، إذ يعيش الفنان اللبناني هاني صقر حالةً صعبة دون أن يلتفت إليه أحد من المسؤولين أو حتى المعنيين.
يرقد الفنان اللبناني على سرير المرض، يصارع بصمت ما عجزت المؤسسات الثقافية والنقابية عن التصدّي له. صقر، الذي عرفه اللبنانيون والعرب منذ تسعينات القرن الماضي كأحد نجوم “استوديو الفن”، يجد نفسه اليوم في مواجهة قاسية مع المرض، بعدما غيّبته ظروفه الصحية القاسية عن الساحة، وغابت معه الوعود بالدعم والرعاية.
بدأت مأساة صقر بعد إصابته بفيروس كورونا، حيث تطوّر المرض إلى تليّف رئوي حاد، جعله يعتمد بشكل دائم على جهاز الأوكسجين للبقاء على قيد الحياة. وما يزيد من قسوة المشهد، هو عدم قدرته على تغطية نفقات العلاج والاستشفاء، في ظل غياب أي دعم رسمي أو نقابي مستمر، ما دفعه إلى إطلاق صرخات استغاثة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل.
ولم يساعده سوى الفنان اللبناني الأصيل فارس كرم في فترة من الفترات.
رغم صمته الطويل، خرج هاني صقر في تسجيلات مصوّرة مؤثرة، طالبًا المساعدة من محبّيه ومن أصحاب القلوب الرحيمة، وبالطبع أصحاب السلطة “لا قلب ولا رحمة”!
قضية هاني صقر ليست استثناءً، بل جزءًا من مشهد أوسع يطال كثيرًا من الفنانين اللبنانيين الذين يواجهون المرض والعوز بصمت، في ظل منظومة ثقافية مهترئة، تتذكّر النجوم حين يصفّق لهم الجمهور، وتغيب عنهم حين يحتاجونها بشدة.
والأحقر من ذلك، هي اللعبة و”الروح وتعا” التي قامت بها وزارة الصحة، وعلى رأسها الوزير والرئيس القوي صاحب القلوب الرحيمة والسيادة نواف سلام، لن أرويها لكم لأن الإعلامي والناقد الفني د. جمال فياض رواها بفيديو، سأضيفه على المقال “حتى تشوف وتسمع يا فنان”.
قد لا يكون هاني صقر نجم الشاشات اليوم، لكنه حتمًا نجم إنساني يستحق وقفة وفاء.. قبل أن يختفي نهائيًا خلف جدران الإهمال.