اخبار الفنكتب جمال فيَاض

رامي عيّاش … يغنّي للناس اللي بتضحك على طول!

كتب جمال فياض

ليلة رامي عيّاش في دار الأوبرا المصرية، في مهرجان الموسيقى العربية لم تكن كغيرها من ليالي المهرجان الكبير. في هذه الدورة كانت المشاركة اللبنانية كبيرة، فقد ارتفعت عند أبواب وجدران ومداخل دار الأوبرا صور نجوم لبنان وبدوا وكأنهم الأكثر حضوراً. فالداخل الى ساحات الدار الكبرى سيشاهد صور راغب علامه وعاصي الحلاني ورامي عياش وملحم زين وكارول سماحه وسعد رمضان وديانا حداد … حتى يكاد يحسبه مهرجاناً “على هوى لبنان”. وهو أمر يدعو للسعادة والفخر بنجوم هذا الوطن الصغير المرهق بأزماته، والشكر والمحبة لمصر العظيمة التي كانت منذ أكثر من مئة عام تفتح أبوابها وصدرها وأرضها وسماءها للبنانيين كما لكل العرب بكل محبة وطيبة.
كل النجوم المشاركين مصريين وعرب كانوا بمنتهى التميّز في حفلاتهم، لكن رامي عياش لم يترك ليلته تمرّ عادية ورتيبة… بل جعلها، خارج “أصول وقار” دار الأوبرا وجمهورها، وحوّلها الى سهرة مع الناس أقرب وأكثر حميمية، وكسر الحاجز النفسي في الصالة الكبرى المقفلة، التي اضطرت إدارة المهرجان للانتقال اليها بسبب عاصفة ماطرة، أقفلت الطرقات وأربكت حركة المرور ومنعت أغلب الجمهور من الوصول بسهولة، والطبيعي أن تصبح ساحة “النافورة” حيث تقام حفلات المهرجان،غير صالحة “طقسياً” وتقنياً .
للصالة الكبرى المقفلة، رهبة الغناء الرصين. هنا وقف الكبار، ولا يقف إلا الكبار، ويسمعهم السمّيعة من ذوي الأذن الدقيقة الناقدة … لكن “على مين”؟ رامي عياش “قدّها وقدود”.. وهو دخل مرتاحاً، سعيداً باجتيازه العثرة أو العقبة الأولى، فالمطر والعاصفة وحالة الطرقات كلها لم تمنع الجمهور من الحضور. وامتلأت القاعة “عن بكرة أبيها”. وفجأة بدون تقديم ولا تمهيد، أطلّ رامي على المسرح، لنسمع صرخات المفاجأة من جمهور شباب وشابات ، كان واضحاً أنهم أتوا بالمئات إليه …
النجم الشاب، الشيك، الأنيق، الوسيم، الباسم كما ابتسامة التفاؤل، الضاحك كما ضحكة البراءة، الرصين كما إطلالة “أمير الليل”، وراح يغني الصعب من أول نوتة، وطال طبقاته العالية من أول أغنية … ففرض علينا الإصغاء والانتباه جيداً، وانتزع منّا التصفيق الحار!
مرّت الثواني بين الأغنية الأولى والثانية، ثقيلة ومتشنّجة، لخطأ في الهندسة الصوتية. لكن رامي المحترف احتوى الموقف وتخطّى الأمر بلحظات كانت الأمور خلالها انضبطت فوراً وأمسك جمهوره وهات يا مغنى، يا طرب،يا صوت، يا إحساس … وباختصار؟ غنّج رامي الغناء في دار الأوبرا كما لم يفعلها أحد قبله…
رغم أني لست ممن يحبذون أداء أغاني المطربين الكبار، من مطربين هذا الجيل أصحاب الرصيد الكبير من الأغاني الخاصة، وخصوصاً عندما يؤدون أغاني أم كلثوم وعبد الحليم حافظ في حفلات مهرجان الموسيقى العربية ودار الأوبرا، إلا أن رامي أجاد وأحسن الأداء بل تفوّق عندما دخل علينا بقصيدة “أهواك بلا أملِ” التي غنتها السيدة فيروز من كلمات وألحان زكي ناصيف..
وبين القصيدة والطرب والشعبي، شعرنا في المكان أننا في سهرة صحبة فيها الناس الحلوة والناس الرايقة، والناس “اللي بتضحك على طول”… ولا يمكن أبداً تجاهل الفرقة الموسيقية الرائعة بقيادة المايسترو الفنان الدكتور مصطفى محمود.
للمرة الخامسة أو ربما السادسة، يقف رامي عيّاش على هذا المسرح، ويخطف القلوب والأحاسيس ومعها شهادة مصرية جديدة بنجوميته التي يستحقها بحدارة، من جمهور لا يجامل. هذا الجمهور الذي إما أن يأتي مهما كانت الظروف للسمع الصحيح، وإما لا يأتي ولو كانت الدنيا ربيع…
مبروك رامي عيّاش الجميل، مبروك نجاحاتك المتواصلة في مصر !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى