اخبار الفنكتب جمال فيَاض

سعد المجرّد يغني طلال في “العاشق الهايم” …

جمعت الشرقي بالراي بالخماسي بالنغمة اللاتينية !

كتب جمال فيّاض

لأغنية “العاشق الهايم” حكاية طويلة. فقد بدأ الإعداد لأغنية يغنيها النجم الشاب سعد المجرّد من ألحان الموسيقار الدكتور طلال، منذ حوالي خمس سنوات. يومها سافرت خصيصاً الى باريس لإيصال الأغنية للفنان الشاب، تمهيداً للبدء بتوزيع موسيقاها وتسجيلها في باريس. يومها كان سعد ولظروف خاصة، يقيم في باريس، ولا يمكنه السفر إلا قليلاً وضمن شروط، ولأسباب ضرورية. سمع سعد اللحن، وأعجبه، وأبدى بعض الملاحظات التقنية، ليصبح اللحن مناسباً لشخصيته الفنية التي اعتمدها منذ بدأ مشواره مع الغناء والشهرة والنجومية. إتفقنا على أن يتواصل مع الملحن والموزّع بشكل مستمر، حتى تظهر الأغنية بأفضل وأجمل شكل موسيقي وغنائي، لتناسب الشروط التي يضعها الملحن الموسيقار طلال، لتقديم أعماله، وتناسب الشروط التي يضعها الفنان الشاب سعد المجرّد لأغانيه ليضمن نجاحها أيضاً. وصرنا نتواصل باستمرار، مرة نرسل له اللحن مع بعض التعديلات والإضافات، ومرة يعيده مع إقتراحات فنية. وبين الأخذ والردّ وبعض الإنشغالات، دخل العالم في جائحة كورونا. وأقفل الكوكب أبوابه على الشعوب، وتعطّلت الحياة في كل العالم، بشكل نادراً ما يحدث في تاريخ الأرض. في هذا الوقت، ظلّ الموسيقار طلال يعمل على لحنه، ويضف عليه ويعدّل بأفكاره الموسيقية. وسعد المجرّد يعمل مع الموزّع الموسيقي جلال الحمداوي، الذي سبق ووزّع له أنجح أغانيه، على إعداد التوزيع المناسب، لهذه الأغنية التي استعصت على الظهور بسبب الظروف. ودارت الأيام، ومرّت الأيام، وبدأت ملامح الأغنية بالظهور، وبين تعديل من هنا، وملاحظات من هناك، تمّ إنجاز الأغنية التي رضي عنها جميع الأطراف. وبين البداية والنهاية سافرتُ أكثر من مرّة الى باريس، حتى وصلنا الى النتيجة الجميلة التي وصلت الى الجمهور. لكن، لم يكن ممكناً أن يطلق شركاء هذا العمل، أغنيتهم، دون أن تكون مصوّرة “فيديو كليب”. وهنا، عاد الجميع وأجّلوا إطلاق الأغنية حتى تمّ تصويرها في دبي، وبسرية تامة. كل هذا كان تحت إشراف ورعاية الأستاذ خالد أبو منذر، المشرف والمتابع الدائم لكل أعمال الموسيقار طلال الموسيقية والفنية، والذي لم يتركنا لحظة، إلا وكان يتابع كل التفاصيل اللوجستية وبشكل دؤوب، حتى وصلنا الى النهاية السعيدة. وتمّ تحديد موعد إطلاقها مصوّرة، وبكامل مواصفاتها الرائعة، وشاهدها الجمهور بعد جهد وجهود. وبين حرص الموسيقار الملحّن على العمل الذي يمنحه كل رعايته ليصل كما يتمنى، وحرص سعد على أن يظلّ على مستوى غنائي عالمي، وصلنا الى عمل غنائي، يستحق التقييم بشكل مفصّل ودقيق.
وبناء عليه، إتبعني عزيزي القاريء لنستمع معاً الى هذه الأغنية، ونفصّل ميزاتها نغمة نغمة، لعلّ في هذا نستمتع أكثر بفهم موسيقاها أكثر، وندخل في تفاصيلها بشكل أفضل….

في البداية، لا يمكن ألا ننوّه بالكليب الذي صوّره سعد بإدارة المخرج الفنان كريم بنيس، وهو صاحب تجارب إخراجية رائعة، وأثبت هنا مرة أخرى، أنه المخرج المتفرّد بصورته وألوانه وديكوراته، وأفكاره الساحرة…
إذا دخلنا الى الأغنية سنجد كلمات بسيطة وجميلة، كتبها شاعر عربي عراقي مخضرم، هو كريم العراقي. اللهجة بيضاء، لا هي عراقية خالصة، ولا هي خليجية خالصة، هي لهجة بمفردات مفهومة للجميع من المحيط الى الخليج. أي أنها أغنية مكتوبة بالعربية العامة، التي لا تستعصي مفرداتها على أحد. وهذا أمر فيه الكثير من الذكاء، لأن سعد سيغنيها لجمهور عربي واحد، من المحيط الى الخليج. وكريم العراقي، بسّط فكرته الى أجمل البساطة، وكعادته، تفوّق وأحسن التعبير.
في الموسيقى، يدخل التوزيع علينا بنغمات منفردة إيقاعية تمهّد لنا بأن الموسيقى ستكون صاخبة وفيها ما هو عربي عالمي أفريقي ولاتيني ومن كل مكان. لكن هذا التوزيع نابع من أن الملحن، قد وضع أمامه فكرة، أن تكون أغنية سعد المجرّد أيقاعية، لا طربية ولا كلاسيكية. فبعد عملين طربيين من الموسيقار طلال لمطربتين عربيتين كبيرتين هما أصاله ولطيفة، كان لا بد أن يأتي دور الغناء الشبابي السريع والإيقاعي. وعن هذا يقول المايسترو والموزّع الموسيقي اللبناني الشاب حسن المعوش، أن في هذا الجوّ الجميل، نتذكّر أجواء الأغنية العالمية الشهيرة “ديس باسيتو” التي نجحت عالمياً، من خلال الموسيقى اللاتينية الشبابية. ويضيف، أرى أن الموسيقار طلال، شبشب اللحن أكثر من سابقاته كملحّن، لأنه يعرف بلا شك، أن سعد المجرّد سيصل بها الى كل الشباب والى أبعد من العالم العربي.
بعد مقدّمة موسيقية سريعة، يدخل سعد المجرّد بالغناء على العجم الماجور، ويسميه الملحن يحي الحسن، لحن غريب من حيث المقام، لكنه محبب جداً وأيضاً ليس سهلاً الدخول منه الى الغناء. وهو دخول قريب من الراي ممزوجاً باللفّ العربي الشرقي، مع باركيشن غربي.
في وسط اللحن، سنشعر بأن اللحن عند “أسير الشوق يا هانم…” سنجد أن اللحن دخل على النغم الخماسي، وهو الأسلوب والمقام المعتمد الغناء السوداني والوسط الأفريقي. هل لاحظتم؟ من العجم، الماجور، الى اللاتيني الى الراي، الى الشرقي، الى الخماسي… هل لاحظتم وسمعتم كيف لفّ الموسيقار طلال برشاقة جميلة وممتعة حول موسيقى العالم بلحنه هذا؟ هل لاحظتم كيف تلقّف الموزّع الموسيقي الموهوب هذا اللحن الرشيق، وعرف كيف يدخل به من باب، ليخرج به من أبواب؟ هل لاحظتم كيف كان أداء سعد المجرّد مرناً ومطواعاً ليقدّم أغنية بأربع دقائق، فيها نغمات وألحان من كل العالم ؟ هو المطرب المتمكّن بالطرب الشرقي؟

ليس غريباً على كل هذا الفريق المتكامل أن يقدّم أغنية فيها كل هذا التميّز، وتلاقي كل هذا النجاح منذ اللحظات الأولى لإطلاقها…
مرّة أخرى، يقدّم موسيقارنا الجميل طلال أغنية مميزة جداً، ويقدّم سعد المجرّد أغنية لها مستواها الجميل والشبابي بنجاح وشطارة.
من قال أن الغناء الشبابي لا يمكن أن يكون على مستوى يعجب ويصل الى كل الأذواق؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى