
أعلن المؤلف الموسيقي وقائد الأوركستر سليم دادة عن العرض العالمي الأول لعمله الموسيقي الجديد “سكوت.. نحن نقتل” الذي سيُعرض بقاعة ساندرو مونتيكوتزي بكتانيا بإيطاليا، ضمن فعاليات مهرجان مليليتو “أورما 2025”، بمشاركة جوق ساندرو مونتيكوتزي وأوركستر كاتانيا. ويتناول العمل مأساة الإبادة الجماعية والهول، مع استخدام لحن مستخلص من أوبرا “نورما” لبليني، بناءً على نص للشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش.
مسعودة بوعليقة
سيؤدي العمل السوبرانو السوري آمنة نوري بمرافقة أوركستر ساندرو مونتيكوتزي وجوق ساندرو مونتيكوتزي، وتم تقديم العرض الأول العالمي له في 20 سبتمبر 2025 خلال فعاليات مهرجان مليليتو “أورما 2025” بمدينة كاتانيا الإيطالية. ويعكس هذا العمل التزام دادة، الذي كان قد صرّح بأن فكرة هذا العمل استوحاها غير بعيد من المأساة الفلسطينية منذ عقود، وبالأخص بعد سلسلة المجازر المرتكبة في حق أطفال غزة، مؤكداً أن الموسيقى ليست أداة للتسلية فقط، بل أداة للتعبير عن القضايا الإنسانية الكبرى.
دمشق، وفن، وحبذة بإيطاليا أين يقيم منذ 2012، وقد شارك في عديد المشاريع التي تدعم قضايا إنسانية. المايسترو دادة، وهو قائد أوركسترا سكونتو، فهو من كاناتيا بيميلتة خريج دبلوم البيانو الإيطالي ماركو.
وتحدث دادة عن مشاركة أصوات متعددة من جنسيات مختلفة لتجسيد المعاناة الإنسانية عبر الأصوات، مشدداً على أن اختيار نص درويش ليس اعتباطياً، وإنما لأنه الشاعر الذي جسد القضايا الإنسانية لأحدها الحدود ولا الأقطار، ولقبول عمله بلغات متعددة. وأكد دادة أن اختيار النص بالعربية والإنجليزية مع إمكانية تقديمه أيضاً بالإيطالية والفرنسية، حسب مكان العرض، يهدف لتقديم العمل حتى يصبح صوت غزة مسموعاً عبر لغات العالم.
ويؤكد دادة في الأخير أن الفن ليس مجرد وسيلة للتنفيس، بل أداة مقاومة وتغيير، مبرزاً أن “الصمت المدوي” يكسر حاجز الصمت حول قضايانا العادلة، سواء عبر اللوحات أو الموسيقى أو الكلمة، ليكون الإبداع في خدمة الإنسان.
المقابلة بين الجمال والرعب، هي ما جسده المايسترو دادة في هذا العمل. فالموسيقى والأوركسترا والجوقة والمغنية السوبرانو، حملوا صوت “الرحمة” ليختلط مع صوت “الرعب”، ضمن قالب الصلاة والجنائز، لكنه يخرج من إطار المأساة ليحمل رسالة للإنسانية جميعاً.
وأوضح المايسترو دادة أن هذه الصرخة التي يحملها العمل هي صرخة إنسانية ضد الحروب وضد العنف وضد كل ما يسلب البراءة من الأطفال، مبرزاً أن العمل يطرح أسئلة وجودية حول معنى الحياة والموت، ويمنح صوتاً للأطفال الذين لا صوت لهم، داعياً للتفكير والتأمل.
وجد سليم دادة نص العمل عندما قرأ ديوان “استيقظنا متأخرين قليلاً” (2022) للشاعر الفلسطيني محمود درويش، فاستوقفه النص الذي يقول: “سكوت.. نحن نقتل”، ليختار هذا المقطع أساساً يبني عليه العمل الموسيقي الجديد.
النص يطرح إشكالية الصمت الدولي إزاء ما يحدث في غزة، حيث إن 20 ألف طفل تقريباً استشهدوا منذ 2023 جراء العدوان الإسرائيلي الوحشي. وأضاف دادة أن هذا العمل ليس سوى حلقة جديدة من أعماله الفنية التي تناولت قضايا إنسانية كبرى، مثل “القدس” التي قدّمها في 2008 مع الأوركسترا السيمفونية الجزائرية، وأعمال أخرى تناولت قضايا إفريقيا وآسيا.
وأشار المايسترو دادة إلى أنه يرى في الفن مرآة للإنسانية، وأداة للمقاومة، ووسيلة لنقل صوت المظلومين والمستضعفين إلى العالم، وهو ما يحاول فعله من خلال هذا العمل الذي سيبقى خالداً في ذاكرة الفن والإنسانية.