اخبار الفنكتب جمال فيَاض

عندما يهدأ التاريخ ويسكن المكان… تأتي أميرة السلام الماجدة لتُحييه في العُلا …


كتب جمال فيّاض

وكأن صحراء العُلا في المملكة العربية السعودية، وصخورها ذات الملايين من سنيّ الصمت الأبدي،لا تحرّك ساكناً ولا حجراً إلا إذا مسّته تلك الترنيمة الملائكية التي تخرج من ثغر الأميرة الساحرة المُشِعّة!
وكأن هذه الكثبان من صخر ورمل وبقايا كواكب نثرها الكون هنا، تظلّ صامتة بانتظار تلك الكلمات من سيدة الكلمات والنغمات والمشاعر والحب،لتقوم من سباتها العميق،وليلها السحيق ، فتنتفض وتبدأ بمراقصة الحياة على نغمة وكلمة من الماجدة…
للمرّة الثالثة، تعود ماجدة لبنان، إبنة حليم الرومي،أمير البيان الموسيقي في لبنان وهذا الشرق العظيم، لتقول ها أنذا، ها قد عدت يا “العُلا” أحيي بين تلالك وجبالك الشاهقة عيداً من غناء وأنغام…
تتعب الكلمات ولا تملّ من وصف هذا الحضور الآسر ، الذي تسيطر به ماجده الرومي على الذين أتوا من كل المدن السعودية القريبة والبعيدة، ليسمعوها وكأنها وصلت منذ لحظات الى كوكب الواقع. بأغنيات سمعناها وحفظناها وما شبعناها، لأنها في كل مرّة تطلّ تمنحها حيوات متجددة، وتغلّفها بلهفة اللحظة وإحساس الروح المتجدد.
هذه المرة، غنّت ماجدة الرومي “إسمع قلبي” و”خدني حبيبي” و”مطرحك بقلبي” و”كلمات” و”ملك قلبي” و”عيناكَ ليالٍ صيفية” وكل الأغاني الحلوة، لكنها أسمعتنا إياها للمرة الأولى!
تماماً كما الأغنية التي أهداها الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن، للأميرة الجميلة،لتهديها للعُلا على موسيقى وألحان الدكتور عبد الرب ادريس،زرياب عصرنا وموسيقانا.
نعم، هذه الأغنية وكل الأغاني، نحن سمعناها للمرّة الأولى، فقد مسحت من ذاكرتنا كل سوابقها،ودخلنا صالة “المرايا” بلا ذاكرتنا، فاستمتعنا للمرّة الأولى بكل هذه الأغاني…
هل تصدقوني؟ صدقوني … هي التي قالت ذات يوم”عيوني أخدتن معك” هذه المرة قلنا لها “أغانينا أخذتيهم معكِ” وأعدتيهم إلينا في “العُلا” … وما أجملها عودة، وما أحلاها متعة إحساسٍ وسمَع.
ماجدة الرومي، بجمالها الذي لا حدود له ولا ملامح، بابتسامتها الملائكية البسيطة،العصيّة على البوح، تطلّ بسلام علينا، فتدخل أرواحنا وأحاسيسنا، وندخل عالمها بسلامٍ آمنين!
عندما تغادر الماجدة المكان، يهدأ التاريخ ويسكن الزمان، وعندما تعود، تُحييه من صمته الصخري ، وتُخرجه من عصوره الحديدية والبرونزية والنحاسية وتُدخله عصره الروحاني الجميل… هذا سرّ من أسرار الأميرة الجميلة. لن تبوح به لنا، لكننا سنكتشفه بلا عناء.
الشياكة والأناقة والفستان الأبيض المرصّع بخرزات كبيرة من كريستال لا حدود لإشعاعاته ، وقفت وقفة الملكة، وصفّقنا لها بقلوب مبهورة بحبها وعشق روحها، وهي الناظرة كحكمة خرجت من عباءة جلال الدين الرومي، أو قصيدة خرجت من قلب نزار قباني أو سعاد الصبّاح أو أنور سلمان، أو قيثارة ساحرة عزف عليها حليم الرومي وجمال سلامه وإحسان المنذر ونور الملاح …
حالة من الصفاء التام، تدخل أرواحنا ونحن نُصغي، وعندما يُعلن المايسترو القدير والمتمكّن من كل تفاصيل نغماته لبنان بعلبكي وفرقته الرائعة نهاية الحفل، نكاد نقف لنعترض لا لنصفّق ونفرح ونشكر ونمتنّ …
هكذا هي ماجدة الرومي، لو طالت سهرتها لساعات وساعات لما قلنا لها ارتوينا …
الى اللقاء في العُلا مرة أخرى، فلا نحن نملّ ولا تكفّ القلوب عن الاشتياق !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى