اخبار الفنكتب جمال فيَاض

في العُلا … غنّت وتركت عطراً ونشوة على صخور تاريخ سحيق …

ماجدة الرومي للبنانيين في السعودية: أنتم هنا بأيدٍ أمينة … حما الله هذا البلد الحبيب وكل الوطن العربي

كتب جمال فيّاض

في العُلا، هذه المساحة الشاسعة الواسعة من تاريخ جامدٍ وصلب، لم يتنفّس ولا تحرّك منذ آلاف السنين، أتته ماجدة الرومي، ذات يوم فايقظته من سبات الدهر ، وأحيت فيها حفلاً كان بمثابة لحظة عودة الروح الى هذه المدن الأقسى من صحراء وصخور وجبال بلا حياة. وها هي اليوم، تعود لتطمئن على زهرٍ زرعته وعطر نثرته وأغنيات تركتها بالأمانة عند زوايا الجبال وتحت بُسُط الرمل الأصفر… عادت الماجدة، تطمئن على الحياة بعدها، هل أزهرت؟ هل أثمرت؟ هل أينعت؟ هل قامت من تحت الصمتِ والزمن والجماد؟
قامت، نعم … وأثمرت وهاجت وماجت بالحياة والغناء والموسيقى والأنغام ، وبعد كل هذه الفرحة تعود إليها هذه الأيقونة اللبنانية، بفرح النجاح وكسب الرهان، لتحتفل بتكملة ما افتتحته وانطلق على وقع صوتها وإحساسها.
ماجدة الرومي، العربية الروح والهوى والانتماء، التي تكرر أينما جلست وكلما قالت، أنها تنتمي لوطن كبير تحبه من محيطه الى خليجه، تحبه بأبيضه وأسوده وسماره، بعزّه وعجزه، بهدوئه وغضبه. ماجدة الرومي عندما تقف على مسرح عربي، تشعر أنها تغني لقلبها وروحها وحواسها. هذه السيدة الحالمة بالخير والطامعة بالسلام والساعية الى نثر التفاؤل وتوزيع الأمل، وقفت هذه المرة على مسرح العلا، وغنت للناس للحب، للكلمات، ودعت كل عربي أن يكون صديقاً …
واثقة، بأن الأمل ما زال بيننا، وأننا لا بد سننتصر بالحق والعدل والضمير. هنا، كانت ماجدة كلما أطلقت صرخة، نراها بمثابة دعوة ألا نترك أملنا وأن الغد أجمل.
هنا في العلا، حضر عُلاة القوم، مثقّفون،محبّون، معجبون، مؤمنون بكل كلمة غنتها وتغنيها، صفّقوا لها، ووقفوا تحية، وضحكوا وابتسموا ونسوا كل همّ شغلهم، خارج قاعة “المرايا” ودخلوا أنقياء مثل حبّات السكّر والثلج النفناف.
هنا، على صخرات العُلا الهائلة العلوّ، ناطحت ماجدة لبنان بصوتها هذا الجماد الجميل، فبثّت فيه حياة وروح وصعقة الفرح … وكما في مرة سابقة، نثرت على قممها عطرها الجميل، وقالت لهم لا تقفلوا الأبواب … اتركوها مفتوحة، سيأتي آخرون، وسأعود، وسنوسّع هذا الباب على الفن والجمال والحياة، أكثر وأكثر حتى تفرح الحياة.
تمنت الخير لهذا البلد الآمن، وقالت للبنانيين الذين أتوا من مختلف المدن والمطارح السعودية، أنتم هنا بأيدٍ أمينة، “نحنا اللبنانيي اللي إنتماءنا عربي،وسيادتنا محفوظة بصمودنا… مهما يطول زمن الضيق. صلاتنا الله يحفظ أمن وسيادة وإستقرار هالبلد الحبيب،وكل حبة تراب فيه، وكل حبة تراب بالخليج العربي والوطن العربي كله. نحن رسالتنا ثقافه وفنون جميله. الله معكم ومعنا، إنتو هون بالسعوديه بين إيدين أمينه…”.
هكذا هي ماجدة الرومي، لا تكون إلا حيث يكون الرضا والأمل والتفاؤل والإنتماء لوطن كبير، لا ترضى أن يُهان أو يهون !!
حفلة تجاوزت الساعتين، فغنّت أجمل أغاني بأجمل غناء. بفستان أحمر قال عنه الحاضرون، هي اليوم كوردة حمراء تزهر بين تلال وهضاب وصخور وصحراء العُلا …
هي الوردة المشرقة كعاصفة من حبٍ وألوان وأنغام… ترفع الصوت الصادح، وترفع الصوت الصادق، وترفع رأس لبنان، وكأنها الباقي من رصيد الوطن الثمين، الذي يُبدّده بعض من يحكمه، فيستعيده صوت وفكر وعقل وقلب ماجدة الرومي….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى