رأياخبار الفنكتب جمال فيَاض

قولكم زعلت ندى؟ …

كتب جمال فيّاض

منذ أيام، اجتمعنا نحن مجموعة من زملاء الدراسة في كلية الإعلام والتوثيق – الجامعة اللبنانية، وأسسنا مجموعة على الـ”واتساب” لنعيد التواصل مع بعضنا البعض، كنوع من لَمّ الشمل. فالأسرة التي تصادقت لأربع سنوات متتالية، وتحوّلت بفعل العِشرة إلى أسرة حقيقية من إخوة وأخوات من كل لبنان، كان يجب أن تستعيد الحياة الحلوة، والأيام الحلوة، والذكريات وأيام زمان.
فنحن عشنا زمن “الاجتياح الإسرائيلي” السيّئ الذكر، والذي شتّتنا لسنة كاملة، ثم عدنا واجتمعنا وأكملنا الدراسة وتخرّجنا، ونادرًا ما كان بعضنا يلتقي بالبعض الآخر.
لكنها اللحظة الجميلة التي قررنا أن نبحث عن بعضنا، وتحوّلنا إلى فرقة “الشياطين الـ13” التي كنا نقرأ رواياتها ونحن أطفال، فبُعثنا زملاء مراهقين من جديد…
بلا طول سيرة، لبّينا دعوة زميلنا السابق في الدراسة، والحالي في المهنة، الدكتور راغب جابر. فذهبنا إليه في بوارج، وقضينا يومًا من أجمل الأيام، في زمن تعزّ فيه اللحظات الحلوة. قضينا النهار طويلاً، وكأنه لحظة، لأننا كنا سعداء وأحبّاء وأنقياء… في هذا اللقاء.

جئنا إلى منزل راغب في “بوارج” البقاعية القريبة من “شتورا”، منّا من جاء من “بيروت” العاصمة،ومن ضاحيتها، ومنا من جاء من “بعقلين” في الشوف،ومن الجبل ومناطق قريبة وبعيدة، ومنّا من جاء من “مرجعيون” في جنوب الجنوب. من كل المناطق والمذاهب والطوائف والانتماءات السياسية والحزبية والمستقلين، والمتحابين لا المتناقضين. لم نسأل أحدًا عن سياسته، ولا عن وجهة نظره في الأمور، رغم أننا كلنا نعمل في الصحافة السياسية والفنية والاجتماعية، ومنّا من لا يعمل فيها. كما كان بيننا مغتربون، جاؤوا للعطلة الصيفية فقط.
بكل حب ومرح، ورعونة الزملاء الفتيان والفتيات، قضينا أجمل الأوقات…

لكن، لماذا أحكي لكم كل هذا؟ وما شأنكم أنتم في كل هذا؟ سيقول بعضكم: تزاملتم، وافترقتم، ثم تلاقيتم، “وإحنا مالنا”؟
كل ما في الأمر أني تذكرت جملة قلتها في العلن عندما وصلت إلى منزل زميلنا الدكتور راغب جابر في بوارج البقاع، وهو المنزل الجميل المطلّ بكل جمال وهيبة على السهل الشهير الشاسع، الواسع، الأخضر، الزاهي. قلت: “خييييي… وأخيرًا، الواحد أخذ نفسه وشعر بالراحة من ضغط بيروت، وعجقة بيروت، وضجيج بيروت، وزحمة بيروت…”

بيننا كانت زميلتنا السيدة العزيزة ندى القوتلي، البيروتية القحّ… وهي التي تعشق بيروت، ومغرمة بها، كما كل الناس والبشر الذين عاشوا فيها أو زاروها…
أما وقد ضجّت الصحافة والإعلام ومواقع التواصل بجملة السيدة ماجدة الرومي التي قالتها عندما وصلت إلى المغرب لاختتام حفلات مهرجان “موازين”، حيث قالت الماجدة ما معناه: “كنت أشعر أني مثل بالون مثقل بالضغوطات والحرب ومرور الصواريخ فوقنا، وعندما وصلت إلى المغرب، تنفّس البالون وشعرت بالراحة”… فقامت الدنيا عليها، وبدأت حملة تخوينها واتهامها في وطنيتها، بسبب هذه الجملة البسيطة والعفوية…

ما علينا من كل هذا الكلام، الذي لن يقدّم ولن يؤخّر في حبّنا واحترامنا وتقديرنا للماجدة ووطنيتها. كل همّي الآن، هو أني قلت نفس الشيء في منزل راغب… والسؤال الذي يشغل بالي الآن: قولكم زعلت ندى؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى