رأياخبار الفنكتب جمال فيَاض

ماجده الرومي … بادرت وتدعو لنثر الحب على الطرقات !  

وهذه دعوتي لكل الفنانين اللبنانيين

 كتب جمال فيّاض
 
بصمت وكتمان، عرفناه بالصدفة والتواتر … ماجده الرومي، بكت وتأثّرت عندما سمعت خبر رحيل الفنان الشاب جورج الراسي بحادث سير مؤسف، فبادرت وبكل هدوء وصمت ، الى إعادة تأهيل المكان، الذي سقط عنده جورج ورحل مع مديرة أعماله، بسبب الإهمال، وقلّة الضمير. الإهمال لأن الطريق ظلّ متروكاً بأخطاره دون تأهيل وتنبيه للمطبّ القاتل، رغم الضحايا الذين ذهبوا قبله في نفس المكان، وقلّة الضمير، لأن الإنارة التي وضعها المعنيون أكثر مرّة في هذا المكان الخطر، تعرّضت للسرقة على أيدٍ سوداء، بلا ضمير ولا أخلاق، ولا إنسانية. والنتيجة أكثر من عشر ضحايا سقطوا في نفس المكان، الواحد تلو الآخر، دون أن تهتز لمسؤول همّة.
يأتينا الخبر، أن المكان يتعرّض لعملية معاينة، ثم للبدء بأشغال لتأهيله وجعله آمناً أو أقلّ خطراً، بوضع الإنارة التحذيرية قبل الوصول إليه بمسافة كافية للتنبيه. إعتقدنا أن النخوة دبّت بالمسؤولين في دولتنا، وأنهم بدأوا بتصحيح هذه الخطيئة الهائلة. وبالسؤال، تبيّن أن مكتب السيدة ماجدة الرومي، بادر الى التبرّع بتكاليف هذه العملية الضرورية للسلامة المرورية…
لا داعي للتساؤل، ولا المفاجأة، فالذين يعرفوا هذه السيدة الكبيرة، يعرفوا عنها أكثر من هذا بكثير، وسبق وسمعنا عن مبادرات مماثلة وأهمّ، قامت بها بصمت وبدون جلجلة وأجراس إعلانات وإعلام. فالسيدة الإنسانة، تعتبر نفسها مسؤولة عن كل الناس، وهو شعور في العقل الباطني، لا نجد له تبريراً في علم النفس، لكنه حقيقة. عندما تجلس مع ماجدة الرومي، ستشعرك أنها رئيسة “جمعية الرفق بالمواطن اللبناني والعربي”، ولو سمحت لها الظروف، لما تركت إنساناً يعاني من أي أزمة أو مشكلة. وربما لا يعرف البعض أنها تقوم بمساعدة ودعم طلاب جامعيين عرب، من جنسيات مختلفة. لمجرد أنها سمعت من هنا أو هناك، أن طالباً في مكان ما، تفوّق بدراسته، ولا إمكانيات مادية تسمح له بمتابعة تعليمه … ستصل الرسالة من قريب أو صديق، وتقوم الماجدة، بتخصيص مبلغ شهري له، دون أن يعرف، وتصله المساعدة ويتابع تعليمه، ويتخرّج وهو ربما لا يعرف من الذي ساهم بتعليمه. ومنذ مدة وفي شهر رمضان المبارك تحديداً، قرأت خبراً لزميلة من دولة عربية نشرت معه صورة لطفلة تحمل لعبة وجدتها في القمامة، فما كان منها إلا أن اتصلت بالزميلة وأرسلت لها مبلغاً كبيرا من المال لتشتري به ألعاباً للطفلة … وطلبت عدم ذكر إسمها!
لا يعرف الكثيرون عن فصول ماجدة الرومي الإنسانية والطريفة في آن واحد … وما أكثرها وأغربها!
في اتصال معها أمس، ،قلت لها، ولماذا بالسرّ؟ يقوم مكتبك بتأهيل الطريق وتخطيطها وإنارتها بعد حادث مؤلم، ونعلم بالصدفة؟ لماذا بالسرّ؟ تقول: ولماذا أعلنها؟ وما الضرورة؟ أنا أهديتها لروح جورج الراسي، الذي دفع حياته وشبابه، ثمناً لإهمال رسمي، وربما ليكون الخطوة التي حمت الآخرين، فكم من الضحايا يمكن أن يسقطوا بعد على هذا الطريق، ولا يحرّك أحدنا ساكناً؟ أنتركهم يقتلونا ونحن نتفرّج علينا نموت بهذا الرخص؟ بادرت، وبكل طيبة خاطر ، قدمت هذه المبادرة البسيطة والمتواضعة، ليس فقط لروح الشاب الخسارة جورج الراسي، بل هي أيضاً لكل مواطن سيمرّ على هذه الطريق، ليكون آمناً ولا تتكرّر المأساة. وهنا، أتمنى أن توجّه عني رسالة الى كل فنان زميل ميسور، وقادر. أن يبادر الى القيام بإعادة تأهيل طريق في منطقة ما، أو منطقته وأعتقد أننا سنكون أكثر أماناً على طرقاتنا. كلنا نستطيع، والكلفة ليست باهظة، لكنها غالية بالأمان الذي ستوفره للسائقين والمارين على هذه الطرقات. الإنسان مسؤول عندما تتأخّر الدولة عن مسؤوليتها. أرجو أن يبادر الزملاء معي، وأن نكون سنداً لوطننا. لا مجال اليوم للبكاء والنحيب، بل علينا أن نبادر، الى أن يكتب لنا الله النجاة ونخرج من هذا النفق. قلّ لكل الناس، عن لساني : أمس، رحلت ملكة، ملكة مثل ملكة بريطانيا العظمى، بقدرها وقامتها وعزّها وتيجانها وسلطتها، رحلت بعد مُلك وتاريخ، ماذا أخذت معها؟ لا شيء … كلنا سنذهب، ولا أحد مخلّد في هذه الأرض، لن نأخذ معنا شيئاً أبداً… سنترك كل شيء ونرحل، فلنترك خيراً وسلاما تذكرنا فيه الإنسانية .. وهذا أقصى ما نستطيع أن نتركه !!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى