اخبار الفنرأيكتب جمال فيَاض

أصالة … تملأ فراغاً كبيراً ، وتستحق!

كتب جمال فياض

تستحق أصالة أن تأتي إليها رغم الزحمة الهائلة التي زحفت الى دار الأوبرا في القاهرة، لسماعها في حفل ختام “مهرجان الموسيقى العربية”. وتستحق أصالة أن نسمّيها مطربة الزمن الحاضر وهي التي ملأت بصوتها وحضورها وأغانيها فراغاً تركته مطربات الزمن الذهبي في مصر، بعد اعتزال نجاة الصغيرة، ورحيل فايزة أحمد ووردة الجزائرية …
وتستحق أصالة هذه المكانة المنفردة التي وضعتها فيها نخبة السمّيعة من الجمهور الذي واكبها منذ بدأت وهي تغنّي “سامحتك” و”لو تعرفوا” و”يا صابره يانا” و”إغضب” ومجموعة أغانيها التي شكّلت إنطلاقتها، وربطت بينها وبين زمن كاد يأفل لولا أن استدركت أواخره مع كبار الملحنين، قبل رحيل أغلبهم.
أصالة اليوم، لها وحدها تصنيفها ومكانتها، ولا تُقارَن بسهولة مع مطربات جيلها. ويدعم هذه “النظرة – النظرية” تلك المبايعة العلنية التي نالتها في حفل دار الأوبرا أمس. فالجمهور الكبير جداً، وهذه الجماهير الكبيرة، ليست كما باقي الحفلات والجماهير في مكان آخر. قد يتشابه الإقبال، وقد تتشابه الأعداد، لكن التشابه لا يمكن أن يكون في الذي حصل هنا …
ما الذي حصل؟ ببساطة شديدة، وبدون فزلكات وفلسفات وشروحات ومجاملات، حصل ما كان بالحسبان وأكثر . وقفت فنانة كبيرة، بكل جمال الصوت والإحساس والأداء والأغاني ، وقالت “يا سمّيعة العالم العربي، اتحدوا … وتعالوا إليّ”… وبالفعل، إتحدوا من كل الوطن العربي وأتوا إليها. ستقرأ الشغف في العيون عن باب الدخول، وستشعر بشغف الآذان في قلب المكان، وستلمس باليدين والعينين، تلك المشاعر وهي ترسل خيوطاً لا تراها لكنك تستشعرها وهي تذهب نحو تلك الواقفة بفستانها الأسود الجميل، الواثقة بأنها هي التي ستقول للجميع، لا تخافوا ولا تقلقوا على الغناء، فأنا هنا، حارسة صادقة مع صوتي واختياراتي.
غنّت أصالة جميلها وجديدها، وأطربت ببسيطها وصعبها وسهلها، ثم قدّمت لنا بعضاً من ثومة ومن حليم، وكأنها محاولة تذكير وتأكيد بأن الجميل من الغناء ما زال في الطليعة، ونحن له حامون. وبين هذه الأغاني، التي أدتها مع فرقة موسيقية رائعة بقيادة المايسترو مصطفى حلمي ، كانت “الماستر سين” مع أغنية ” قدّ الحروف” (شعر عبد الرحمن بن مساعد،وألحان عبادي الجوهر). ففي هذه القطعة الجميلة من المجوهرات، والمطرّزة بزخرفات لحنية جميلة وضعها “زرياب زمننا”، شيء لا نعرف كيف نصفه، لكننا نعرف جيداً كيف نسمعه ونستمتع به.
أصالة، التي تعشق وتحب مثلنا وأكثر، وتترجم خفقات قلوبنا بدقة الساعة وأكثر، غنّت لنا كل ما نحبّه منها وأكثر. وكاد الجمهور الحاضر أن يصرّ عليها أن تبقى حتى طلوع الفجر وأكثر.
تستحق أصالة، هذا الجمهور الذي كانت أصوات شيبه وشبابه تناديها وتطالبها وتصفّق لها …
تستحق أصالة، أن تملأ الفراغ الكبير، وأن تكون سيدة غناء بنات جيلها …
وأن تكون خاتمة ليالي “مهرجان الموسيقى العربية” …
وتستحق أصالة كل ما هو جميل فيها، وأن نأتي إليها في كل زمان ومكان).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى