اخبار الفنكتب جمال فيَاض

تانيا قسيس والزمن …

كتب جمال فيّاض

وجّهت الفنانة الجميلة تانيا قسيس الدعوة لجمهورها، ولبعض الأصدقاء من فنانين وشخصيات عامة وصحفيين ، لحضور عرض خاص تقدّمه لأغانيها الجديدة في ألبوم جديد عنوانه “زمن”، على مسرح “صالة السفراء” في كازينو لبنان. ولبّينا الدعوة بسعادة وشوق، لأن لتانيا مكانة فنية مميزة في عالم الغناء والموسيقى، ومكانة محترمة في العيون والقلوب التي تعرفها. هي ليست مجرّد مطربة أو مغنية شابة تتلمّس طريق النجاح، بل دارسة وعارفة ومحترفة، وتقيس خطواتها الفنية بدقة وعناية. وبناء على هذه الضمانة التي وضعتها لدينا من زمان، ذهبنا وبنا شوق لأمرين، أولاً لمشاهدة عرض فني لا بد سيكون مميزاً، وثانياً لنكون شهود على محاولة تأكيد أنه ما زال في لبنان فن وموسيقى وحياة وجمال، وليس كما تسرّب للعالم أن لبنان إنتهى، ويحتضر ويسقط في الضجيج الفارغ.

مع فرقة موسيقية جميلة جداً، وراقية جداً، وحاضرة بقوة يقودها المايسترو الكبير أندريه الحاج، إفتتحت السهرة بمعزوفة موسيقية ولا أجمل، كتبها طوني كرم، وأعاد توزيعها نك أورتيغا، وعزفتها الفرقة بجودة كدنا نعتقدها مسجّلة، من شدّة الضبط والدقة. ومن هنا تفاءلنا بأننا أمام عمل جرى التحضير له بعناية فائقة.

ثم أطلّت علينا تانيا، بعدة طرق مختلفة، وسط تركيبة فنّية ومؤثرات بصرية جميلة، مع بعض العروض الراقصة، جعلتنا نسعد بما نرى وما نسمع، ونستمتع بهذا العرض الذي رغم ضيق الأحوال الإنتاجية للفنون، ما زال هناك من يقدم بسخاء ما يُبهر ويجذب العين والأذن.

عدة أعمال أغلبها من كلمات وألحان طوني كرم، تخلّلها أغنية من مروان خوري وأخرى من عمرو مصطفى وأخيرة من جاد مهنّا. كلها متنوّعة وفيها إحساس وجمال وموسيقى وكلام يدور حول قضية حلوة، هي المرأة، في حبّها، وعشقها، وألمها ووجعها، وعتابها … تمحورت المواضيع حولها، وهي التي تحتل قلوبنا بكل حالاتها. وقد استطاعت تانياً، أن تقدّم قضيتها، بل قضاياها وحالاتها بشكل ناعم وأنيق.

مفاجأة لم نكن نتوقعها، كانت إطلالة الفنان الشاب سعد رمضان، الذي كان حضوره بمثابة تحية حبّ للجمهور، وتحية صداقة لتانيا، حيث قدم معها ثنائية جميلة جداً، أظهر فيها قدراته الصوتية المحترفة جداً، وتمنينا لو أنه أخذ أكثر من وقتنا في السهرة بمعيّة تانيا …

هل من ملاحظات على الحفل؟ لا بد منها، ولا بد أن الجميع لاحظ وسمع ورأى، لكننا هنا فقط لنقول أن تانيا، هي أمل جديد بأن تكون الصوت الجميل والراقي، والذي يتابع مسيرة بدأت من عند فيروز واستمرت مع ماجده الرومي، وستستمر مع هذا الصبية الراقية الحضور، والأنيقة الأداء…

هل أعجبتنا الأغاني؟ طبعاً، لكن كنا نتمنى المزيد من التنويع، وأن تكون الموسيقى في مكان ما أكثر تنوّعاً، وفيها بعض الفرح والحياة أكثر. هذا الألبوم تجربة جميلة، وتستحق الإعجاب، لكن على تانياً أن تضيف أكثر الى مسيرتها مما يطلبه الجمهور … عنيت الجمهور الفاهم، وليس جمهور العشوائيات من الأغاني.

ساعة ونصف، قضيناها واستمتعنا بها، وغنّت تانياً فيها الكثير من “غناء الإحساس”. وإن كانت الهندسة الصوتية قصّرت في بعض الأماكن، لكن تانيا عرفت بحرفية واضحة، كيف تستدرك التقصير، وتستعيد زمام صوتها بشطارة.

لا بد، بل يجب أن تستمر تانيا بتقديم المزيد من مثل هذه اللقاءات مع الجمهور، الذي يحبها ويعرف كيف يقدّرها ويقدّر ما تقدّم. وأمامها مشوار صعب، لكن لا يبدو أبدأً أنها ستعجز عن تطويعه وتحريره من قيود الصعوبات.

جرعة تفاؤل كنا ننتظرها، ونلناها في سهرة جميلة مع “زمن” .. تانيا قسّيس!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى