مهرجان رائع للوليد … لكن الوليد لم يحضر!

كتب جمال فياض
شاهدت بحبّ كبير سهرة مصوّرة في مهرجان زحله الغنائي ، أحياها (ربما في الصيف الماضي) الفنان الوليد الحلاني، هذا الوليد الجميل الذي ولد أمام عيني وكبر أمامي ورأيته رضيعاً وطفلاً وولداً وفتىً وشاباً حتى صار بمنزلة ولدي وإبني وطفلي الذي كانت وما زالت له في القلب مودّة كبيرة وحب عميق وعاطفة لا يمكن وصفها… هذا الوليد الجميل الأنيس الذي لاعبناه طفلاً وكان دائماً موضع ترحيب وإعجاب كلما التقيناه مع والده … وما أدراك ما والده، ومن والده عندنا…. والده عاصي الحلاني، الفنان الذي تجاوز عندنا منزلة الصديق، والرفيق والجار والقريب من القلب. عاصي هو الأخ والحبيب الذي فيه كل صفات الفروسية ونبل الفرسان، بأخلاقه وشهامته ورجولته ووفائه، هو الأخ الذي لم تلده أمي، وهو الذي يجلس في مكان في القلب لا ينافسه عليه أحد، ولا يزاحمه عليه حبيب..
دعونا من هذا كله، ومن المقدمات التي لا تهمّ أحداً، ولندخل في الموضوع..
الموضوع، هو الوليد الحلاني، وسيرته الفنية ومشواره مع الغناء، وما نراه فيه وما نريده له.
نحن نرى في الوليد الحلاني مطرباً كامل الصفات والمواصفات. فهو الصوت القوي،السليم الأداء، الجميل الحضور،البهيّ الطلعة، الخفيف الدم، الأنيق الشكل والروح واللباس. ومنذ انطلق وقرّر احتراف الغناء، قلنا أنه لها، وهو لا ينقصه من الشروط شيئاً، ولا يبقى له سوى اللون الغنائي الذي يميّزه لينطلق بشخصيّته وخصوصيته، مطرباً فناناً ناجحاً … حتى المال، لم يكن بحاجته ليؤسس خطواته الأولى، فهو إبن عاصي الحلاني الذي له في كل ستوديوهات الموسيقى سلطة، وقدرته المادية كافية لفتح كل الأبواب دفعة واحدة.
في مهرجان “زحله” المصوّر منذ فترة، كان كل شيء مكتملاً لتكون السهرة مع الوليد الحلاني، الفرقة الموسيقية الكبيرة، الجمهور، المسرح الكبير، الإضاءة والهندسة الصوتية وكل ما هو ضروري موجود … إلا صاحب الحفل، لم يكن على المسرح سوى شاب يغني بكل مواصفات المطربين، لكنه كان حاضراً بأغانيهم، وشخصياتهم وألحانهم… حضر كل الذين غنى أغانيهم إلا هو ، الذي كان غائباً …
كان فؤاد مسعود العراقي، ورشيد طه الجزائري وصابر الرباعي التونسي وملحم بركات ووديع الصافي وعاصي الحلاني … كل هؤلاء، غنّى أغانيهم وبقدرات مميزة وممتازة، لكن أين هو؟ أين الوليد؟ أين شخصيته المتميّزة فنياً ؟ أين خصوصيته كفنان؟ أين لونه الغنائي الخاص؟ لقد غنّى الوليد كما يغني مطربو النوادي الليلية والمطاعم، هؤلاء الذين احترفوا غناء كل الأغاني الضاربة، فيستمتع الجمهور بالأغاني، ولا يهتم للذي يغنيها.
هل يريد الوليد الحلاني أن يستمر بهذا الطريق ؟ يعني في حفلاته أغنية خاصة وعشرات الأغاني لغيره؟
هل يريد الوليد الحلاني أن يستمر كما صندوق الأغاني”ميوزك بوكس”؟ نختار منه ما نحب من الأغاني، ولا نسأل عن الذي يغني ومن الذي نسمعه؟
هذا مرفوض، وغير مقبول، ولا يجب أن يكتفي الوليد بأن يكون مجرد مطرب حفلات وأعراس ، من مطربي “بتاع كلّه” فيقبض نصيبه من الدولارات ويذهب سعيداً بأنه صار يحيي كل يوم حفلة، لكن بلا طموح ولا أهداف ولا شغف النجاح.
ليس مقبولاً أن يكون الوليد الحلاني مجرّد مؤدٍ لأغاني غيره ، وأن تكون أغانيه الخاصة بلا هوية ولا بصمة، فساعة يغني بالمصري، وساعة يغني البداوي، وساعات يغني فولكلور مستنسِخاً والده حرفياً وبكل تفاصيله ، والده عاصي الحلاني الذي حقق نجوميته بالتعب والعذاب والمعاناة والجهد والسعي الدؤوب.
نرفض أن تضيع هذه الموهبة الجميلة، وكأنها لا مرشد لها ولا موجّه..
على الوليد الحلاني أن يتوقّف فوراً عن الغناء، ويذهب وبتفرّغ لوضع خطة جديدة لبناء شخصيته الغنائية، أن يتخلّى عن هذا الذي يقوم به حالياً، ويبحث عن مجموعة أغاني ألبوم كامل تناسبه وتليق به، وتميّزه عن كل المطربين الشباب،أن تكون مميزة ومتقنة، ترسم له شخصيته الفنية، وبعدها يحيي حفلاته بأغانيه الخاصة فقط، ولا يصوّر كليباته مع مجموعة من الجميلات الشبه عاريات ليجذب العيون، بل على الأغاني أن تنجح بدون تصوير… وهنا التحدّي!
إذا لم يضع الوليد الآن خطة مدروسة لانطلاقة مضبوطة وبدقة، فهو لن يتقدّم نحو النجومية المطلقة ولا خطوة واحدة…
أنا أحب الوليد الحلاني، ومؤمن به وبقدراته الفنية الرائعة، وقد لا يروق هذا الكلام لمن يحبوا الوليد ويرونه بعين المحب نجم النجوم الذي اكتسح كل النجوم، لكنها الحقيقة التي يجب أن يعرفها هو ومن يعملوا معه، ويعملوا معاً على تصحيحها، مهما كانت صعبة…



