أليسا … حققت أمنيتي !

كتب جمال فياض
في شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، كتبت هنا بالذات، وعلى هذه الصفحة، أني أتمنى أن يقوم أحد النجوم الكبار بإعادة تسجيل نشيد “موطني” العربي الشهير الذي كتبه الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان، ولحنه اللبناني محمد فليفل. وبالعودة إلى المقال، سيجد القارئ أني تحمّست جداً للفكرة، وأسهبت في تبرير مثل هذه الأمنية. فأنا لم أجد أفضل من الكتابة في مقالة هنا، على صفحات “زهرة الخليج”، لأوصل رأياً أو فكرة أو أمنية للفنانين. وكنت أعتقد أن أغلب النجوم والمشاهير لا يقرأون جيداً ما نكتبه إذا لم يرد اسمهم بين السطور. لكن المعجزة حصلت! فمنذ أيام فوجئت بأن أمنيتي قد تحققت، وأن أليسا، بصوتها وإحساسها الجميلين، أسندت إلى الموزّع الموسيقي الفنان ناصر الأسعد أن يعيد رسم الصورة الموسيقية للحن النشيد الذي كان موضع بحثي، بشكل أكثر هدوءاً وأكثر عاطفة. وما أن أطلقت أليسا هذا النشيد عبر الإذاعات والمواقع الإلكترونية، حتى شعرت بسعادة كبيرة. كيف لا، وأنا المتحمّس لهذا الأمر؟ وصفحات “زهرة الخليج” تشهد. لقد قامت أليسا بما يقوم به النجوم الكبار. فالنجم الكبير هو الذي يفاجئ الجمهور بما لا يتوقّعه منه. هو الفنان الذي لا يرضى بأن يظلّ يعمل تحت خيمة المألوف والعادي والطبيعي والمكرّر. ويبدو أن أليسا قد قرأت جيداً، وفهمت، وتابعت، وقرّرت أن تعيد تسجيل النشيد الذي يخاطب الوجدان العربي. ولربما هو آخر ما بقي من الأشياء التي تخاطب وجداننا. أليسا فجّرَتها قنبلة غير متوقعة. والطبيعي أن الغيارى والمنزعجين من مثل هذه المفاجأة الفنية الممتازة، أن يبحثوا في أكوام الإيجابيات عن قشّة السلبية الصغيرة ليخرجوها إلى العلن، ويمعنوا تحطيماً بالنجاح. فجاء من يريد المزايدة بسطحية، ليقول إن أليسا تجرّأت على نشيد يُعتبر خطاً أحمر. ثم أطلت أخرى تدّعي أنها خبيرة موسيقية، فقالت: “حرف الطاء لم يكن كما يجب”. ثم بعثت بعض المحروقة أعصابهم “فانزاتها” الوهميين ليسخروا ويحطّموا الفكرة، وليحوّلوها إلى نكتة، وليس إلى تأييدها، لأن تسجيل أليسا لهذا النشيد كان الردّ المطلوب على السفهاء الذين قلبوا – بسوء نية غبية – كلمات النشيد، وحرّفوها إلى سلبية، ونثروه بسخف على الـ”يوتيوب”، ليصرفوا النظر عن الكلام الأصلي. كل هذا قيل وانتشر، وعاصفة الصحراء قامت من جديد على أليسا. والنتيجة؟ نحن نريد النتيجة. النتيجة أن النشيد الجميل والمثير للمشاعر حقق أرقام استماع هائلة وغير مسبوقة. فبكى من بكى، واحترّ من احترّ بداخله، وضحكت أليسا كما في كل مرة، وقالت في سرّها: أنا أفعل، وأنا أنجح، وغيري يحترف الألم والبكاء. نشيد “موطني” لإبراهيم طوقان ومحمد فليفل عاد إلى الحياة وبقوّة، تماماً كما تمنيت، وتماماً كما توقعت، وتماماً كما قلت لأليسا عندما سمعت صوتها وهي تتصل بي لتعبّر عن شكرها لردّ فعلي عبر مواقع التواصل على هذه الخطوة. لقد قلت لها: “ولا يهمّك، أنتِ ذكية وشاطرة، وميزة الكبار أنهم يعرفون كيف يفاجئون الجمهور بما لا يتوقّعه، ويخرجون عن المألوف، وأنتِ ذكية يا عزيزتي وما بينخاف عليكِ”…
ملحوظة لا بدّ منها، وستخنقني إن لم أقلها: أنا وجّهت دعوتي لإعادة هذا النشيد إلى الحياة، وكان في بالي أن يقوم بهذا الأمر الفنان راغب علامة، أو الفنان عاصي الحلاني، لكني اكتشفت أن أليسا قرأت جيداً سطوري، وعرفت جيداً كيف تخطف الفكرة كما يجب.
⸻
زهرة الخليج – أيار (مايو) 2015



