في لقاء بالصدفة، أحمد أبو هشيمة: سأترشّح لرئاسة الجمهورية!

كتب جمال فياض
كنت أفكّر: ماذا سأكتب هذه المرّة من باريس وأنا في إجازة مع العائلة؟ ما الذي سأتناوله من مواضيع وأنا أتابع الأحداث الفنّية عبر المواقع الإلكترونية فقط، ولا أعيشها كما هي العادة؟ فالعادة أني إذا سمعت خبراً يستحق التعليق، أتصل بالفنان أو بمن يعنيهم الأمر وأستفسر، وأسأل ثم أُكوّن فكرتي ورأيي وأكتب تعليقي.
هذه المرّة كان مساء الأحد، بل قل ليل الأحد في ساعاته الأخيرة. عدت وأسرتي من عشاء في مطعم من مطاعم الشانزليزيه، وفي بالي أني قد لا أرسل مقالتي هذا المساء كما هي العادة منذ سنوات. وليجنّ ربيع هنيدي ويضرب على رأسه، وليشغّل الاتصالات الهاتفية. وليحتار الدكتور طلال طعمة: كيف سنقفل الملزمة، وصفحتك لم تصلنا بعد؟ وقرّرت أني في حال لم أجد فكرتي ولم أكتب المقالة، لن أجيب، وسأرسل المقالة بتأخير يوم واحد، قد أجد في هذا اليوم ضالتي فأكتب.
لكني وأنا أفكّر بها، وجدتها أمامي! فرصة عجيبة، تمرّ أمامي لحماً وشحماً. رجل بكل وسامته وأناقته، وضحكته… هو أحمد أبو هشيمة، رجل الأعمال المصري الشهير، الذي كان زوج الفنانة هيفا وهبي. ومعه صديق من دولة عربية شقيقة.
شخصياً، ليس بيني وبينه معرفة سابقة. لكنه مشهور، وأنا أيضاً أعرفه جيداً من خلال أحاديث سابقة مع هيفا وهبي أيام كانت زوجته، وبعدما حصل الانفصال. ها هو الآن، أحمد أبو هشيمة بشحمه ولحمه، يمرّ سريعاً في “الشانزليزيه” أمام مقهى “الفوكتس” الشهير. تهزّني زوجتي وتقول: أليس هذا أحمد أبو هشيمة، زوج هيفا وهبي؟ التفتّ فإذا هو أمامي.
ما أن عبر من جانبي ومعه صديقه، بادرتهما بالسلام وقلت: “ألست أنت أحمد أبو هشيمة؟” فقال باسماً، وفي ابتسامة كل ترحيب: نعم، أنا هو… أهلاً يا أفندم، أنا جمال فياض، صديق هيفا وهبي من لبنان. يبتسم أكثر ويقول: أهلاً وسهلاً، أهلاً…
يعرّفني على صديقه الخليجي، فإذا هو شخصية لطيفة جداً، والضحكة واللطف على وجهه يشعرك أنه صديق قديم.
قلت له بلا مقدمات: هل صحيح أنك حاولت التوسّط للسماح بعرض فيلم “حلاوة روح” وأن هيفا اتصلت بك لهذا الأمر؟
قال: يعني، هو موضوع حسّاس شويه، وصعب. بصراحة لا أظن أن أحداً يمكنه أن يتدخّل بمثل هذا الأمر. فالأوضاع الآن لا تسمح بتدخّلات في قرارات حكومية.
قلت: لكن السينما المصرية حافلة بمثل هذه الأفلام، وهذا أمر لا يَخفى على أحد. والموضوع لا يستأهل مثل هذا التضخيم.
قال: والله مش عارف، هي للأسف حظها وحش في هذا الموضوع.
قلت: هل ستعودان لبعضكما؟
ضحك ونظر نظرة استغراب للسؤال المباشر والجريء من شخص لا يعرفه. قال: ليه بتقول كده؟
هنا قلت له: على فكرة، أحب أعرّفك: أنا صحفي.
هنا قال متفاجئاً: آه، صحيح… أيوه، عرفتك، الآن عرفتك.
ثم تابع: لا، لن نعود. لا أعتقد أن الأمر ممكناً.
قلت: خلّي بالك، أنا صحفي ملتزم، ولن أنشر إلا إن قلت لي أنشر، وسأنشر فقط ما لا يورّطك بمواقف لا تريدها.
فقال: لا، لا، ما تنشرش حاجة.
قلت: بلى، سأنشر ما أراه مناسباً، ولن أنشر ما لا أراه مناسباً للنشر. ثق بي، سأعرف كيف أنشر الجزء الذي يرضيك من حوارنا، ولن أنشر الأمور الحسّاسة.
قال: أظنك لن تفعل إلا هذا.
قلت: لماذا لن تعود إلى هيفا؟ كنتما كما رآكما الجميع ثنائياً لطيفاً ومناسباً، وزواجكما كان سعيداً.
قال: الأمر عادي، فيه كل يوم مليون واحد وواحدة بينفصلوا، فما الذي يمنع أن ننفصل نحن أيضاً؟ الحكاية قسمة ونصيب.
قلت: إذاً، إزاي دعوتها لفرح شقيقتك؟
قال: شقيقتي هي التي دعتها، وهما ما زالتا على صداقتهما. ووالدتي أيضاً تحبها.
قلت: كنت أظنها هي التي تعارض هذا الزواج.
قال: أبداً، تعارض إزاي؟ هي كانت بتحبها قوي ولسّه بتحبها.
قلت: هل لديك طموحات سياسية؟
قال: أبداً، أنا لا أطمع للسياسة ولا المراكز السياسية. ثم أردف: المنصب الوحيد الذي قد أدخل منه السياسة هو أن أترشّح لرئاسة الجمهورية فقط. عدا هذا، لا يمكن أن أفكّر حتى أن أكون عضواً في مجلس الشعب على سبيل المثال.
قلت: ولا حتى وزير؟
قال: ولا أي شيء. أنا إنسان عصامي، وحققت أعمالاً ناجحة، وعندي حوالي ثمانية آلاف موظف وعامل، لن أنشغل عنهم بأي مهمة سياسية.
قلت: عصامي إزاي؟ كل الناس بتقول والدك هو الكبير ورجل أعمال ثري، وأنت تسلّمت أعماله.
قال: والدي؟ لا يا أخي، أنا معيل عائلتي، والدي كان ضابط شرطة، لا رجل أعمال ولا حاجة. أنا أسست نفسي بنفسي.
قلت: يُقال إن شخصية سياسية هامة من الشخصيات ذات النفوذ في زمن الرئيس محمد مرسي، هي التي طلبت منك أن تخرج من الوسط الفني، (وذكرت له اسم الشخصية). ثم أضفت: وأزيدك من الشعر بيتاً؟ هنا في مقهى “الفوكتس” الذي نقف أمامه الآن، قال لك: ابعد عن هذا الوسط، فأنت أمامك مستقبل سياسي هام.
قال: أقسم بالله العظيم (وكررها ثلاث مرّات) لم ألتقِ بهذا الشخص الذي ذكرت اسمه بحياتي. ولا أعرفه، ولم أعرفه يوماً بحياتي. هذا كلام فارغ. وللعلم، أنا سمعت مثل هذا الكلام من قبل، وهو غير صحيح على الإطلاق. أنا ما عنديش طموحات سياسية أساساً عشان أفكّر بهذه الطريقة. ثم إني ما حدّش يقدر يتدخّل في حياتي بمثل هذا الشكل.
قلت: هل أنت اليوم تؤيّد المشير عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية؟
قال: طبعاً، أؤيّده بكل قوة. فهو الوحيد اللي قادر يشيل البلد ويجمعها من جديد.
قلت: يعني مش حمدين؟
قال: لا، أنا أتمنى اللواء السيسي.
قلت: هل تعتقد أن مصر يمكن أن تعود كما كانت؟ متماسكة وقوية؟
قال: والله المهمة صعبة، لكن المفروض إننا نحاول، لأن ما ينفعش نستمر كده. نحن بحاجة لنظام قوي يعيد لحمة البلد، ويضبط الأمور، ويعيد كل شيء إلى وضعه الطبيعي. وأظن المشير السيسي قادر على هذا.
قلت: إنت عندك كام سنة؟
قال: أنا داخل على تسعة وتلاتين.
قلت: يعني المستقبل أمامك، ولا بد إنك تخطط لحياتك السياسية؟
ضحك وقال: لا أعتقد أني أخطط لغير مشاريعي وشغلي وطموحاتي في العمل فقط.
قلت: أقولّك حاجة؟ أنا أول ما شفتك بالصورة، ودائماً كنت بقول: هي بتحب فيه إيه؟ ده مش وسيم خالص! لكن بصراحة؟ أنت مظلوم بالصور. فأنت كما أراك الآن، شاب بمنتهى الوسامة، ولا نجوم السينما.
ضحك من قلبه وقال: ربنا يخليك.
أما صديقه رجل الأعمال الخليجي، الذي كان ينصت إلى حوارنا، وهو حسب ما عرّفني عن نفسه، شخصية مرموقة، إن من ناحية عائلته، وإن من ناحية اسمه كرجل أعمال، فقد تدخّل وقال: شفت؟ أنا كنت بقول له من شوية: إنت مظلوم بالصور. هو شاب حليوه ولا النجوم في السينما، لكن في الصور لا يبدو كما هو في الحقيقة.
وبما أننا صرنا نثني على وسامته، فقد صمت وابتسم تواضعاً.
هنا قلت له: هل أنشر؟
قال: يعني، أفضّل لا، لأن الحوار ده بين أصدقاء ومش للنشر.
ضحكت في نفسي وقلت: أصدقاء؟ فنحن التقينا منذ ربع ساعة فقط. لكني فعلاً شعرت أنه صديق قديم. فهو، بالإضافة إلى أنه يضجّ حيوية ووسامة، لديه شخصية محببة وقريبة من القلب، لا بد أنها سرّه الذي به أسر قلب هيفا وهبي. لكنهما، للأسف، عادا وانفصلا.
وفي ختام الكلام، وقبل الصمت عن الكلام المباح، لا بدّ من الإشارة إلى أن ما أنشره هنا ليس كل ما سمعته من أحمد أبو هشيمة. وهو فقط نصف الكلام، وفقط ما يجوز نشره. فالمجالس بالأمانات، وما تعوّدت يوماً أن أخون أمانة شخص وثق بي وأجاب على أسئلتي.
(زهرة الخليج – ٢٠١٤)



