رأيقضايا إجتماعيةكتب جمال فيَاض

عتاب الوزيرة … تركتُ للقضاء أن يقوم بواجبه..

كتب جمال فياض

منذ يومين، أخبرني أحد سكان الشمال أن شخصًا من المتسلّطين على قطعة أرض كبيرة من أملاك الدولة اللبنانية (المشاعات) في بلدة القبيّات الشمالية، وهي مليئة بالأشجار المعمّرة من الأرز والشوح واللزاب، ويتجاوز عمر أغلبها ألف عام، قد قام بعملية تشحيل وتحطيب للصنوبرات والأشجار التي وصلت إلى المنزل الذي بناه على الأرض التي احتلّها، ولم يسأله أحد يومًا عن صكّ ملكيته لها. وعندما انتهى من التشحيل، قام بإشعال النار للتخلّص من الأغصان والفروع التي قطعها. وهبّت ريح، وأخذت النار تمتدّ حتى أحرقت أكثر من عشرين ألف شجرة، كلّها من الأشجار المعمّرة والتي تُصنّف من الثروات البيئية اللبنانية.
بعد جهود مضنية، تمّت محاصرة وإطفاء النيران… والنتيجة: كارثة بيئية لا تُقدّر بثمن.
وزيرة البيئة تمارا الزين سارعت لتفقّد مكان الكارثة المهولة، وادّعت على الجاني بمجموعة من التهم المناسبة أمام القضاء.
القضاء حدّد صباح الإثنين موعدًا لجلسة استجواب الجاني، مرتكب الجريمة البيئية، لكنه لم يحضر، ويقول العارفون بالكواليس إن أحد النافذين في المنطقة، وهو نائب راسب في الدورة الأخيرة من الانتخابات النيابية، حماه بصفته أحد أزلامه، وقال له: لا تذهب… ولا يهمّك!
وبالفعل، لم يذهب الجاني… ويبدو أن القضية، حسب العالمين، ذاهبة إلى ملفات النسيان.
عندما علمتُ بالأمر وهذه التفاصيل،
كتبت على منصة “تويتر” وغرّدت بالتالي:
“‏أين أصبح التحقيق مع الشخص الذي أضرم النيران للتخلّص من بقايا التشحيل، فأحرق حوالي ٢٠ ألف شجرة شوح وأرز ولزاب في جرود القبيّات، عمرها أكثر من ألف عام… النائب السابق “زعيم المنطقة” يحمي المذنب بتعطيل جلسات القضاء… ووزيرة البيئة تقصّر في المتابعة!
بالانتظار…”
وأرفقتُ التغريدة بصورتين: الأولى للغابة قبل الحرائق، والثانية لنفس الغابة بعدما التهمتها النيران…
في المساء، كنت في حفل السيدة ماجدة الرومي، الذي حضره عدد كبير من كبار المسؤولين والشخصيات السياسية… وبعد انتهاء الحفل، اقتربت مني سيدة أنيقة وبادرتني:
مرحبًا أستاذ جمال، أنا وزيرة البيئة تمارا الزين… حضرتك تقول إني مقصّرة بالمتابعة، وحبيت قلّك: أنا لم أقصّر، أنا عملت واجبي، وتركت المهمة للقضاء ليقوم بواجبه. يعني مهمتي انتهت، وصارت المتابعة على القضاء…
قلت: أهلًا وسهلًا وتشرفنا، لكن الرجل أحرق تاريخًا بيئيًا كبيرًا، ولم يحضر جلسة القضاء، هل نتركه ينجو بفعلته؟ حضرتك عاينتِ المكان، هل يكفي؟
قالت: هذه مهمة وواجب القضاء، أنا من ناحيتي قمت بواجبي، ادّعيت عليه وتركته للقضاء، ولم يعد لي أي صلاحية غير هذا…
قلت: يمكنك حضرتك متابعة القضية مع القضاء، وألّا تتركيه يحتمي بزعيم فاسد يغطي جريمته بقوة الواسطات والمونة على القضاء… تابعي الموضوع واهتمي ونحن معك مثل السيف، المهم أن ينال الجاني جزاءه العادل…
قالت: بهذا سأتابع، لكني سجّل عندك: لم أقصّر… كما ذكرت!
ثم غادرت المكان…
ولكم أن تحكموا وتُشيروا إلى من هو الفاسد، ومن هو المقصّر، ومن يحمي المجرم وينجّيه من القصاص الذي يستحقه على جريمته البيئية الهائلة!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى