اخبار الفن

جمال فياض عن زياد الرحباني وآخر لقاء : أغاني فيروز جاهزة والقرار عندها … لكن “مزاجه ما كان حلو ورافض كل شيء”

حسن شرف الدين

تحدث الإعلامي والناقد الفني الدكتور جمال فيّاض عن السنوات الأخيرة في حياة الموسيقي والمفكّر اللبناني زياد الرحباني، واصفاً إياه بـ”آخر العباقرة في لبنان”، كاشفاً عن تفاصيل خاصة من لقائه الأخير معه قبل نحو ثلاث سنوات.

وأشار فيّاض إلى أن الرحباني بدا متعباً نفسياً، رغم أن حالته الصحية كانت مستقرة آنذاك، وكان ملتزماً تماماً بتوصيات الأطباء، قائلاً له بصراحة: “ما عم بعمل شي، وملتزم مية بالمية بأوامر الطبيب”. وأوضح أن زياد كان في تلك الفترة رافضاً لأي نشاط فني، ويعيش في نوع من العزلة الطوعية، نتيجة “مزاج غير مناسب”، على حدّ تعبيره.

وكشف أن زياد أبلغه بأن هناك مجموعة من الأغاني الجاهزة للسيدة فيروز، بعضها لم يُستكمل وبعضها لم تُسجّله بعد، قائلاً: “الأغاني موجودة، بس لما الماما بتقرر تنزلهم، مننزّلهم”.

كما لفت إلى أن زياد رفض عروضاً متتالية لإحياء حفلات في القاهرة وسوريا، بما فيها دعوة من دار الأوبرا السورية، مؤكداً أن قراره لم يكن لأسباب صحية بقدر ما كان نابعاً من حالته النفسية، قائلاً له: “مزاجي مش حلو”.

وفي معرض حديثه عن المسار الفني لزياد، اعتبر فيّاض أنه شكّل ظاهرة استثنائية بين أبناء الفنانين، إذ نجح في تجاوز شهرة والديه، عاصي الرحباني وفيروز، وصنع لنفسه مساراً فنياً خاصاً ومستقلاً. وقال إن معظم أبناء الفنانين الكبار لم يتمكنوا من تحقيق حضور موازٍ، بينما زياد استطاع أن يفرض اسمه بقوة ويصبح أيقونة فنية قائمة بذاتها.

وأكد أن لم يكن مجرد موسيقي، بل كان فناناً مثقفاً وصاحب مشروع فكري وسياسي واضح. فقد تبنّى الفكر الماركسي، ووجّه نقداً لاذعاً للواقع اللبناني من خلال أعماله المسرحية، خصوصاً تلك التي واجه فيها الصورة “الرومانسية” للقرية اللبنانية التي رسمها الأخوان رحباني، كما في مسرحية “شي فاشل”. وأضاف أن زياد أظهر في أعماله نبوءات سياسية سبقت زمنها، مشيراً إلى أنه أشار قبل ثلاثين عاماً إلى النفوذ التركي في شمال لبنان، في وقت لم يكن أحد يتحدث عن ذلك.

وتوقف فيّاض عند قدرة زياد على تحويل شخصيات لا تملك صوتاً غنائياً قوياً إلى نجوم، من خلال رؤيته الموسيقية والدرامية، مستثنياً الفنان الراحل جوزيف صقر الذي كان يتمتع بصوت أصيل. كما نوّه إلى نجاح تعاونه مع الفنانة لطيفة التونسية، التي قدّم معها أعمالاً راقية.

وأوضح أن زياد تأثر بسيد درويش والأخوين رحباني، لكنه ذهب بعيداً في تطوير موسيقى خاصة به، جمعت بين الجاز والبلوز والموسيقى الشرقية. واعتبر أن مسرحه لم يكن ترفاً فنياً، بل مساحة فكرية وفلسفية لقراءة الواقع واستشراف المستقبل.

وفي ختام حديثه، وصف الدكتور جمال فيّاض زياد الرحباني بأنه “آخر العباقرة في لبنان”، مؤكداً أن هذا الفنان الاستثنائي استطاع أن يُجمع اللبنانيون على احترامه، تماماً كما اجتمعوا على حبّ فيروز، مضيفاً أن انسحابه من الساحة لم يُضعف حضوره، بل عزّز من أثره، لأنه ترك ما يكفي ليبقى صوته وفكره حيَّين في الذاكرة الجماعية.

زياد الرحباني … يمضي بلا ضحيج!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى