دعوة إلى الممثلين الشباب: أعيدوا الحياة إلى مسرح شوشو!

كتب جمال فياض
في زمنٍ تتراجع فيه الحركة المسرحية اللبنانية وتغيب عنه الروح الشعبية الساخرة التي شكّلت وجدان الناس في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، تعود إلينا ذكرى رحيل الفنان الكبير شوشو، أو حسن علاء الدين، لتذكّرنا بأن المسرح كان يوماً نبض الشارع وضحكته ووجعه في آنٍ معاً.
في الذكرى الخمسين لرحيله، احتفل مسرح مونو في بيروت بهذه القامة المسرحية الفريدة، من خلال طاولة مستديرة حملت عنوان “إرث شوشو اليوم”، أدارها الإعلامي والكاتب القدير فارس يواكيم، بحضور نخبة من الفنانين والإعلاميين الذين عاصروا حقبة شوشو الذهبية. تخلّل اللقاء عروض فيديو لمقاطع من أعماله التي ما زالت تُضحك وتبكي في آنٍ، وقراءات مسرحية قدّمها أحمد الزين وميراي بانوسيان وجوزيان بولس، قبل أن يُختتم اللقاء بنخب المناسبة ولقاءٍ وديّ بين الحاضرين، ومن بينهم جورج خباز وفائق حميصي وآخرون من الوجوه المسرحية والإعلامية البارزة.
رحل شوشو في ٢ تشرين الثاني ١٩٧٥، وهو لم يبلغ السادسة والثلاثين، لكنه ترك إرثاً فنياً لا يُمحى. كان ابن بيروت الشعبي، الفنان الكوميدي الناقد الذي أحب الناس وتحدّث لغتهم، فأسّس مع رفاقه المسرح الوطني اللبناني عام ١٩٦٥، ليكون أول مسرح شعبي نقدي في لبنان، يجمع بين الفكاهة والوجع الاجتماعي، وبين الارتجال والعمق الإنساني.
من “حيط الجيران” إلى “شوشو عريس” و**“كفيار وعدس”** و**“اللعب على الحبلين”**، قدّم شوشو مسرحاً حقيقياً نابضاً بالحياة، كان فيه بطل الشارع وصوت المواطن البسيط في وجه السياسة والفساد والتناقضات الاجتماعية.
ومن هنا، تأتي دعوتنا اليوم إلى الممثلين الشباب:
لماذا لا تتوحّدون في فرقة مسرحية جديدة تحمل روح شوشو وتعيد تقديم أعماله بأسلوب عصري يحافظ على جوهرها الشعبي؟
لماذا لا تُبعث من جديد نصوصه الساخرة التي ما زالت تعبّر عن وجع اللبناني بعد نصف قرن؟
يمكن لهذه المبادرة أن تُعيد إحياء المسرح الوطني اللبناني وتُشعل شرارة الحركة المسرحية التي خمدت بفعل الظروف.
جيل شوشو آمن أن المسرح رسالة وضمير المجتمع، وأن الضحكة يمكن أن تكون مقاومة.
واليوم، آن الأوان أن يحمل جيل الشباب هذه الشعلة، لا كتقليد، بل كاستمرار لروح لبنانية أصيلة كانت تجمع الناس على مقعد خشبي واحد، يضحكون فيه من القلب، ويخرجون وفي قلوبهم أمل.
شوشو لم يمت.
ما دامت الخشبة تنتظر من يعيد على مسامع الناس صوته وهو يقول بطريقته الساخرة:
آخ يا بلدنا …



