كتب جمال فيَاض

كتب جمال فيّاض : عن سهيل عرفه، هل تعرفونه؟ (مقالة قبل رحيل الفنان القدير رحمه الله)

يرقد الفنان القدير والملحن السوري سهيل عرفه على فراش المرض، وهو بوضع صعب يجعلنا نتمنى له الشفاء من أعماق القلب. لم يكن الحديث عن الملحن السوري الكبير دائماً في الصحافة. فالصحافة اليوم تبحث عن أشياء أخرى، ليس عند سهيل عرفه شيئاً منها. هو الذي إكتشفه عدنان مراد (والد المطربة لينا قباني وزوج الفنانة فاتن جمال شقيقة المطرب المعتزل الشهير محمد جمال) وعدنان كان في حينه، أحد كبار الصحفيين الفنيين. قدمه للإذاعة السورية، ليلحّن للمطرب الصاعد الشاب فهد بلّان. وتكرّرت الألحان الجميلة حتى بات سهيل عرفه في زمنه، أحد أكبر وأشهر الملحنين. هو الذي غنت له صباح ووديع الصافي وشاديه وصباح فخري أشهر الأغاني. تعرفونها أغنية الصبوحة الشهيرة؟ “ع البساطه البساطه، يا عيني ع البساطه، قديش مستحليّه عيش جنبك يا بو الدراويش، تغديني جبنه وزيتونه وتعشيني بطاطا…”. هذه الأغنية التي ما زالت تتردّد في الحفلات وأغلب البرامج التلفزيونية، والتي غنتها صباح في فيلم “أهلاً بالحب” صورته الى جانب النجم فريد شوقي عام 1965. الأغنية موجودة على يوتيوب، ويشاركها فيها الفنان الراحل فريد شوقي رقصاً. لكن لسهيل عرفه أيضاً الفضل في جعل أغنية “يا مال الشام يللا يا مالي، طال المطال يا حلوه تعالي…” أكثر شهرة وقرباً. هي أغنية تراثية، أعاد سهيل عرفه توضيبها وتوزيعها وترميم نغماتها، أي يمكننا القول أنه أعاد لها الحياة ووزعها بالشكل الذي عرفناها به، واشتهرت بشكلها اللحني الجديد. أيضاً، قدّم عرفه لشاديه أغنية جميلة، أشتقها من أغنية “يا طيره طيري يا حمامه..” وهو عدّل وتصرّف باللحن الأصلي الذي وضعه عميد القدود الحلبية الراحل الشيخ أبو خليل القباني (هو شقيق جد الشاعر الكبير نزار قباني). ومن يعرف الأغنية سيجد فيها الكثير من الجمال اللحني بالإضافة الى أداء شادية الجميل. ومن أغانيه لصباح أيضاً الأغنية الطريفة “يا رب تشتّي عرسان ت يلحقني طرطوشه، وتفرح أمي والجيران وخبي الأسمر برموشي..”. يروي سهيل عرفه أن حلمه بالتلحين لفيروز كاد يتحقق، لولا أن سقط الحلم في اللحظة الأخيرة، فهو كان أعدّ لها لحناً لتغنيه في فيلمها الشهير “سفر برلك”، بناء على وساطة من منتج الفيلم الراحل نادر أتاسي (رحل منذ شهرين تقريباً) والذي أخرجه الراحل هنري بركات، لكن عاصي الرحباني إرتأى أن تغنيه المجموعة (الكورال) في الفيلم وليس فيروز، غضب سهيل عرفه ورفض، وأعطى اللحن للمطربه سميره توفيق. والذين شاهدوا الفيلم، يعرفون أن “قبضايات” من سورية كانوا يأتون الى لبنان لمساعدة قبضايات لبنان في قتالهم لمقاومة الإحتلال العثماني أيام مرحلة تجويع الشعب وسوق شبابه للعمل بالسخرة لمصلحة الدولة العثمانية، عام 1914 وهذه المرحلة سُميت أيام “السفر برلك”، ولم يكن فيها لبنان دولة مستقلة، بل كان مع سورية وفلسطين والأردن يسمونها بلاد الشام. وقد لعب الفنان رفيق سبيعي في الفيلم دور زعيم القبضايات السوريين. أيضاً، لحّن سهيل عرفه لوديع الصافي ونجاح سلام وفهد بلان وأسماء كبيرة جداً. واليوم وهو يرقد على فراش المرض، نتمنى له الشفاء والعمر الطويل، ونوجّه له تحية العرفان بأنه واحد ممن أمتعونا وما زالوا بأعمالهم الموسيقية الجميلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى