كتب جمال فيَاض

كتب جمال فيّاض: عياش الطفولة، عندما يكون الفنان إنساناً ….

بقلم د. جمال فيّاض:

منذ سنوات، أعلن الفنان اللبناني رامي عيّاش عن مشروع كان يحلم به وتجسّد حقيقة وواقعاً. يومها، فال رامي أنه أسس لجمعية خيرية بعنوان “عيّاش الطفولة”. وهذه الجمعية تعنى بتعليم الأطفال المحتاجين، وبعض الأيتام، ومن انقلب عليه الزمن، ووضعه يتيماً وحيداً مريضاً، لا معين له سوى الله في السماء، وينتظر من يسخّره له الله على الأرض. يومها أعجبتنا الفكرة، ولم نأخذها بجدّية. قلنا، بل أغلبنا قال، هذا الفنان الشاب يريد أن يفعل شيئاً بطيبة قلبه وبارءة الشباب، سيعمل قليلاً ثم يملّ لاحقاً، وتتوقف الحكاية عند صور وأخبار وصحافة، ثم لا شيء. هكذا تعوّدنا، وهكذا كنا دائماً نرى نهاية الأشياء. لكن رامي عياش ومؤسسته “عياش الطفولة”، استمرّ، وامتدت مشاريع مؤسسته ووصلت الى المغرب الشقيق. هنا وهناك أطفال فقراء وأيتام ومرضى، أرسل الله لهم من يهتمّ بهم وبتعليمهم. ومنذ أيام وجّه رامي الدعوة لعدد كبير من الشخصيات السياسية والإجتماعية في لبنان لحفل عشاء لذكرى تأسيس هذه الجمعية وهذه المؤسسة الإنسانية. هي احتفالية بسيطة، لكن في مكان كبير، وبحضور شخصيات كبيرة إنسانياً. دعانا رامي وزوجته الجميلة داليدا، للتبرّع والمشاركة بمزاد علني. ووضع كل واحد منّا ما يناسب قدرته المادية، فخرجنا من السهرة وفي القلوب غبطة العطاء. ومهما كانت الأرقام التي نالها أطفال رامي عياش، فالمهم كان أن في نفوسنا الكثير من الطيبة والخير، جاء رامي عياش تاركاً الشهرة والفخفخة، وأخرجها منّا بكل طيبة ومحبة. وهنا تذكّرت تلك الحكاية التي قصصتها للقرّاء منذ شهور قليلة، على هذه الصفحات من “زهرة الخليج”. يومها كتبت، أني كلما جلست مع فنان من كبار النجوم، إقترحت عليه أن يؤسّس لمشروع بناء مستشفى لعلاج الأطفال من السرطان. ويكون تمويل هذا المستشفى من تبرعات يطلبها النجم من أصدقائه الأثرياء وما أكثرهم. فنحن نعرف أن النجوم والمشاهير، مقرّبون دائماً من شخصيات إقتصادية كبيرة، لن تبخل على مشروع مثل هذا، ببعض الملايين سنوياً. وكتبت يومها أن أغلب الأصدقاء، أبدوا حماساً كلامياً للفكرة، لكنهم نسوها بعد لحظات. وحده رامي عياش الذي لم أذكر له هذه الفكرة، جاء ليبدأ رحلة الألف ميل بخطوة أولى. “عيّاش الطفولة”، رحلة كبيرة، تبدأ بخطوة ربيعية ناعمة. سيكون لهذا المشروع الإنساني مكانته في مستقبل أطفال، كان يمكن أن يسلّمهم الإهمال والجهل بكل بساطة الى يد الإرهاب، الى يد الفساد، الى يد الشرّ. وعبر مؤسسة مثل “عياش الطفولة”، سيصل الطفل الى برّ الأمان. نحن نلوم أحياناً الحكومات، لأنها لا تقوم بواجباتها كاملة في تأمين التعليم والغذاء والطبابة للأطفال. لكننا لم نفعل شيئاً بالمقابل. مشروع رامي الجميل، سيحرج عدد كبير من زملائه الفنانين. لكنه بالمقابل سيريح ضميره، وسيجعل البعض يحذون حذوه، فننقذ من يمكن إنقاذه من مستقبلنا الذي أهملناه طويلاً، وآن الأوان لنستعيد زمام المساهمة في بناء حياتنا ومستقبل أولادنا. برافو رامي عياش، كنت أحبك كفنان، وأنا اليوم أحترمك كإنسان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى